العدد 1023
الأربعاء 03 أغسطس 2011
banner
الإنسان بين لصوص الثورات ومصاصي الدماء أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 03 أغسطس 2011

إن كنا قد تحدثنا في مقالات سابقة عن لصوص الثورات في إطار الحديث عن الثورات العربية المتنامية على الساحة العربية، فإن هناك من يمكن أن نطلق عليهم مصاصي الدماء من الرأسماليين الذين يتمتعون بحرية مفتوحة يلجون من خلالها حتى إلى عظام المواطن ليمتصوا النخاع بعد الدماء، فلا يكفيهم ما يكدسونه من أرباح على حساب ذلك المواطن بل يصرون على امتصاص كل شيء عنده أو لديه، هؤلاء اللصوص يرفضون أن يتركوا المواطن يتنفس بل يكتمون على أنفاسه ليكون تابعا ذليلا لهم ونعني بهم أولئك التجار من عديمي الضمير الإنساني.
هذا الكلام يدور حاليا على لسان الشارع المحلي بعد أن تبين أن هناك زيادات ستدخل في رواتب الموظفين وهي الزيادة التي تأخرت أكثر من اللازم مقارنة بالارتفاع الجنوني الذي طال كل شيء وأنزل من مستوى معيشة المواطن منذ ما يقرب من أربع سنوات، وبسبب هذه الزيادة فإن هناك البعض من التجار يعدون العدة لرفع الأسعار لنهب ما يفوق الزيادة التي ستدخل في الرواتب وكأنهم يعنون أن الحكومة أرادت أن ترفع من أرباح أولئك التجار وليس رواتب الموظفين، بعض هؤلاء التجار من عديمي الضمير الإنساني يشبهون الطفيليات التي تعيش على دماء الغير و لاتستطيع الابتعاد عن تلك الدماء ولكنها تتعب الإنسان عندما تمتص دمه.
لا يريدون أن يروا المواطن في نوع من الراحة النفسية حتى ولو لفترة مؤقتة بعد حصوله على تلك الزيادة، بل يصرون على إزالة تلك الراحة قبل حدوثها برفعهم أسعار السلع الضرورية وغير الضرورية وبنسبة تفوق ما قد يحصل عليه خصوصا وأن رمضان على الأبواب ويمكن من خلاله زيادة الأسعار كما يحدث كل عام ثم الإبقاء على تلك الزيادة بعد رمضان، فهم يرون أننا نعيش في مجتمع رأسمالي مفتوح يدير الصراع بين الأطراف ويبيح للقوي السيطرة على الضعيف، والضعيف هنا في جميع الأحوال هو المواطن المسكين الذي لا حول له ولا قوة.
وحين يستنجد المواطن بمن عليهم التدخل لوقف ذلك الارتفاع في الأسعار يصدم بعدة حوائط، حائط الصد الأول هو عدم الاهتمام من قبل القائمين على تلك الأمور بما يجري، وحائط الصد الثاني هو نظام حرية التجارة الذي نعيشه والذي قد يمنع التدخل أحيانا ويقف في صف الرأسمالية المتحكمة، وحائط الصد الثالث هو المصالح المتشابكة بين رأس المال والسياسة حيث الكثير من المسؤولين نجدهم ينتمون إلى نوع من أنواع رأس المال أو أنهم ينحدرون من عائلات تملك رأس المال وتمارس التجارة بكافة أشكالها، لذلك يكون من الصعب على الإنسان أحيانا أن يحارب ذاته.
المواطن حين يرى ما يجري من التجار يلجأ للإعلام ويستنجد من خلاله بالأجهزة المعنية بالأسعار ومراقبتها ويحثها على التدخل ونجدته مما يجري، ولكن تلك الأجهزة لا تهتم إلا “ بالجرجير والكوسة والجزر “ وغيرها من القوائم التي تنزلها يوميا وتحدد من خلالها أسعار تلك المواد ومع ذلك لا نجدها تراقب ما يجري وما إذا خرق أحد ما تلك القوائم.
المصيبة أنه حتى المواد الغذائية الخاضعة للدعم الحكومي لم تسلم من الارتفاع بل أن بعضها وصلت الزيادة فيه إلى أكثر من 100% خلال السنوات الثلاث الماضية وسترتفع خلال الأيام القادمة دون أي تدخل من أجهزة مراقبة الأسعار وكأن الحكومة حين تقدم ذلك الدعم فإنها تقدمه لتجار تلك المواد وليس للمواطن.
وزارة التجارة في حكم النائم عن مراقبة ما يجري، وإذا راقبت ووجدت خروقات أو تجاوزات فإنها تكون إما غير راغبة في إيقاع العقاب على من يتجاوز أو أنها غير قادرة على ذلك والنتيجة بالنسبة لنا واحدة وإن تعددت الأسباب.
السبب قد يكون كامنا في تحالف المال والسلطة، أو لنقل بصورة أكثر دقة تحالف المال ومصدر القرار، وهو تحالف منبثق من نمط الرأسمالية التي نعيشها والتي تصنع التربة الصالحة لذلك النوع من التحالفات، لذلك نجد أنه من الأولى والأجدى والأفضل وغير ذلك من الألفاظ الحسنة، هو ألا يكون على دفة القرار من له علاقة بالمال والتجارة ليس في المناصب الوزراية فقط بل كذلك في المستويات الأدنى من ذلك أيضا، أي أن التعيينات الوزارية يجب أن تبتعد عن العائلات التي تمارس التجارة بل تكون من عامة الشعب لكي يشعر صاحب القرار بما يعانيه المواطن حقيقة ويعمل من أجل ذلك المواطن ويكون ذلك مصحوبا بتفعيل قانون الذمة المالية ليتاح محاسبة من تسول له نفسه إقامة تحالف مع أصحاب رؤوس الأموال... والله من وراء القصد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .