+A
A-

ميللر يضع آينشتايـن وبيكاسو وجهًا لوجه

أصدر مشروع نقل المعارف التابع لهيئة البحرين للثقافة والآثار مؤخرًا كتاب “آينشتاين، بيكاسو. المكان والزمان والجمال الذي ينشر الفوضى” للكاتب آرثر آي ميللر، وهو من ترجمة عارف حديفة ومراجعة منير الطيباوي، ويأتي صدور هذا الكتاب ضمن سلسلةٍ تضم 50 كتابًا من أهم الكتب العالمية، تم اختيارها من قبل لجنة متخصصة وبإشرافٍ مباشر من قبل الباحث وعالم الاجتماع الطاهر لبيب.

يستحضر الكتاب محطاتٍ توقف عندها اثنان ممن خلّد التاريخ لهما كل شيء، ففي مثل هذا الشهر يوليو وتحديدًا في العام 1907 أبدع الفنان الإسباني بابلو بيكاسو لوحةً لم تكن الساحة الفنية العالمية أو الباريسية على الأقل مستعدةً لاستقبالها، وقد جسّد فيها فنّه التكعيبي على هيئة خمس سيدات تحمل كل واحدةٍ منهن وجهًا له دلالات وتعابير مختلفة. وفي العام الذي يليه أي 1908 حين طرح بوانكاريه تحليله الشهير للذات بالسؤال عن حقيقة الابتكار الرياضي، طرح أينشتاين التساؤل الأهم “ما هو التفكير على وجه الدقة؟”.

في مقاربة مثيرة بين متناقضين، وقف الفيلسوف والكاتب آرثر آي ميللر على بعد مسافةٍ واحدة بين عالم الفيزياء الأشهر ألبرت آينشتاين من جهة والفنان الإسباني العظيم بابلو بيكاسو من جهة أخرى، ليخرج لنا بهذا الكتاب الذي يدعو عنوانه للدهشة، أما محتواه فيحمل بُعدًا تحليليًا وسردًا لتاريخ قامتين بحجم صاحب النظرية النسبية، وصاحب “آنسات آفنيون”.

يبدأ الكاتب بالقول إن “ألبرت أينشتاين وبابلو بيكاسو رمزَي العبقرية وملهمَي أجيال من الفنانين والعلماء، هما أيقونتا القرن العشرين. العلم الحديث هو أينشتاين، والفن الحديث هو بيكاسو”. إن القارئ ما أن تقع يداه على هذا الكتاب المميز، يبدأ بتصفح أوراقه المثقلة بكمٍ هائل من التفاصيل التي لا يعرفها الكثير، حتى يبدأ رحلةً يعود فيها إلى الوراء ويكتشف ما جرى في حياة أينشتاين وبيكاسو من أحداث فارقة، وما عرفا من شخصياتٍ ساهمت في تحولهما من منعطفٍ إلى آخر حتى بلغا ذروة المجد ونقلت سيرتهما الأجيال.

يخال معظمنا أن النجاح الذي وصل إليه بيكاسو كان عبر طريقٍ ممهدة وفرصٍ متوالية وحظٍ وافر، ولكن التاريخ يبين لنا عكس ذلك. وكما أوضح ميللر في كتابه فإن حياة بيكاسو لم تكن بالضرورة جميلةً كلوحاته، فتنقلاته المتعبة ما بين إسبانيا وباريس، ووقوعه تحت وطأة الفقر.