الكلماتُ تقف حيرى، والقلوب تحاول التشافي من ألم الفقد، والذاكرة لا تنفكّ تمرر شريط الذكريات لسنواتٍ طويلة مضت، تستحضر التفاني والإخلاص، وتتمثل المواقف الإنسانية الكثيرة في شخصية المرحوم الأستاذ القائد الكشفي حسين شرفي.
ودّعنا بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، المرحوم الأستاذ حسين شرفي الذي وافاه الأجل المحتوم يوم الثلاثاء الموافق 11 فبراير 2025م، بعد مسيرة طويلة من العطاء التطوعي والكشفي، وفي مجالاتٍ كثيرة.
الأستاذ حسين شرفي، اسمٌ لامع في سماء الحركة الكشفية البحرينية، وأحد أقطابها الذين شكلوا علامة فارقة في مسيرة الكشافة بمملكة البحرين.، رحل حسين شرفي، الأب، المعلم، القائد الكشفي صاحب المواقف النبيلة، هكذا صوّره ووصفه جميع القادة الذين التقينا معهم، هو بصمةٌ كشفية ستظل ترددها الأجيال، وأيقونة تربوية نادرة.
عندما عدتُ إلى صفحة المرحوم الإلكترونية على الإنستقرام، ومن بين الصور القليلة التي وضعها في حسابه، صورة تجمعني معه تعود للعام 2021م، وجدته يترك لي رسالة بالغة الأثر وكأني أقرأها للمرة الأولى، حين هنأته بمناسبة الاحتفال بيوم المعلم تقديراً وعرفاناً وامتناناً لعطائه الكبير.
ذكر في رسالته القصيرة في حجمها، العميقة في معانيها، "وأنت بخير ابني العزيز، نحن أدينا أمانتنا واليوم أنتم من تحملون هذه الأمانة، وأنت من خيرة الشباب وقلمك له وزن في الصحف المحلية ولك مني كل الشكر والتقدير"، وكأنه يعطيني إشارة وزملائي، بأن نكون على استعداد لحمل المسؤولية الذاتية بعد رحيله، تجاه الوطن والشباب والمجتمع، كلمات أعتز بها كثيراً من شخصية بارزة لها مكانتها ومقامها.
رحل شرفي، بعد مسيرة من إقامة وتنشيط المخيمات الكشفية، التي برز فيها وهو يزرع في المجاميع الكشفية المتعاقبة من أبنائه الكشافين، دروساً من التضحية والإيثار، دروساً من الحث على التعلم والتعليم ومواجهة الصعاب والتحديات، كانت دروسه كفيلة التأثير في تنشئة أجيال من المواطنين المتميزين المبدعين.
في هذا الجانب، ينقل لي الأخ العزيز الأستاذ "علي شرفي"، ابن المرحوم حسين شرفي، أحد المواقف عندما كان كشافاً، "يقول لي والدي المرحوم، تذكّر دائماً أن جميع الكشافين هم أبنائي وما يجري عليهم يجري عليك والعكس".
حيث كان "علي" مرشحاً لتمثيل مملكة البحرين في أحد المخيمات، ولم يُجِزه ويوافق عليه والده الأستاذ حسين حتى تأكد تماماً من أنه يستحق، وذلك من خلال مجموعة معايير طلبها، ومن ضمنها نصب الخيمة بشكل عملي، كل ذلك جرى بالتنسيق مع القائد أحمد حبيل الذي أشرف على هذا الموضوع، إنه مثال لتحقيق الإنصاف والمصداقية في التعامل.
ارتبط اسم المرحوم الأستاذ حسين شرفي ارتباطاً وثيقاً بكشافة البحرين، إذ عمل مدرساً للتربية الرياضية والرياضيات، وقاد أول فرقة للأشبال عام 1956م، وأصبح رئيساً لقسم التربية الكشفية بعد أن كان مراقباً للتربية الكشفية والمرشدات عام 1974م.
وقد حصل الأستاذ حسين شرفي على وسام الكفاءة من الدرجة الثانية من قبل جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، وتم تكريمه في العام 2019م من جانب وزير التربية والتعليم السابق سعادة الدكتور ماجد بن علي النعيمي بمناسبة مئوية التعليم في مملكة البحرين.
يرحلون ويبقى الأثر، يشاركون في مسيرة بناء الأجيال ونهضة الأوطان، يؤسسون لمستقبلٍ واعدٍ للفتية والشباب، يرحلون ويتركون بصماتهم الإنسانية والتربوية إلى أمدٍ بعيد، إنها مسيرةٌ طويلة من العمل الكشفي والتربوي والتطوعي والرياضي والمسرحي، ومثالاً كبيراً للعطاء والتأثير في الناشئة والشباب، وخدمة وتنمية المجتمع.
غادرنا الأستاذ حسين شرفي، مخلفاً إرثاً تربوياً وكشفياً كبيراً، وستظل مسيرته نبراساً ومثالاً تتحدث عنه الأجيال.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |