يخطئ من يظن أن الصحافيين لا دور لهم سوى جلب الأخبار ونشرها، سوى مهنتهم ورونقها ومكتسباتها، ويخطئ من يرى أن الصحافي قد أصبح آلة في عهدة الفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الفائقة.
إن الصحافي له دور مجتمعي وثقافي وواجب وطني تجلى تمامًا في كل مواقفه وكل سلوكياته عبر أكثر من قرنٍ من الزمان منذ رفاعة الطهطاوي الذي أصدر أول مجلة في مصر في القرن التاسع عشر حتى تأسيس صحيفة الأهرام عام ١٨٦٤ عن طريق يدين كريمتين للصحفيين اللبنانيين سليم وبشارة تقلا، تمامًا مثلما تجلى ذلك في تأسيس أول نقابة صحافيين في المنطقة العربية منذ ٨٣ عامًا والتي جمعت الجسم الصحفي المصري تحت مظلة واحدة لتعلمهم مبادئ الأخلاق الحميدة في أشرف المهن وأقدسها على الاطلاق.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة تقوم نقابة الصحافيين المصرية بأدوار مهنية وواجبات وطنية تتجاوز حدودها وتمتد إلى خارج محيطها بل إلى أبعد البعيد من الدولة المصرية، قامت على أكتافها جميع المواقف الوطنية والسياسية العربية، مناصرة قضايا الأمة وفي القلب منها القضية الفلسطينية، كما قدمت الدعم الكامل المعنوي والتنويري والثقافي والمهني والسياسي إلى كل قضايا الأمة.
ولم يكن لنقابة الصحافيين المصرية ذلك الدور إلا بعد أن وضعت قانونًا يدافع عن الحريات ويقدم الدعم الكامل للصحافي باعتباره المكون الرئيسي والعنصر المؤثر في منظومة العمل التنويري الإعلامي الذي تمتد مفاصله من داخل الوطن إلى أمته العربية البعيدة.
ولعل في القامات الصحافية التي أدارت هذا المرفق المهني العريق أمثال: صلاح جلال، كامل الزهيري، إبراهيم نافع، مكرم محمد أحمد، محمود أبو الفتح، يحيى قلاش ، وأخيرًا خالد البلشي.
ونحمد الله ونشكر فضله أن هذه النقابة العريقة قد قامت بجميع الأدوار المجتمعية التي توفر الدعم اللازم للصحافي والتي يأتي على رأسها توفير بدل التكنولوجيا الذي يمكن للصحافي من مواكبة أحدث التطورات في عالم التعبير والتسريع في الأداء والارتقاء بالمهنة، إضافة إلى الدورات التدريبية المجانية لتطوير أداء الصحافيين، وغيرها من الخدمات الداعمة والمحسنة لوضع الصحافي وصورته في المجتمع.
إن الصحافي في كل زمان ومكان هو ضمير أمته، وهو مرآة وطنه، يستطيع بجرة قلم أن يرسم صورة ذهنية مبشرة لواقع مجتمعه، وأن ينقل ذلك المجتمع من الظلمات إلى النور ، ومن المجهول إلى المعلوم، وهو الذي يدافع عن مقدرات هذا الوطن ويحميه من الشائعات والفتن ويعبر عن مكنونه التاريخي في أحلك الظروف والمحن.
إن ذلك كله يأتي ضمن إطار تمكين الصحافي من مهنته، وتقديره من مجتمعه ووضعه في المكانة التي يستحقها تحت ما أسميناها مرارًا وتكرارًا بأبناء السلطة الرابعة.
أي تلك السلطة المتقدمة علي بقية السلطات، المتحاورة معها، والمراقبة لها، والمنضوية جميعها تحت مظلة الدولة المؤسسية، وتلك التي تستمد وجودها من إرادة شعبية فاعلة ومتفاعلة، ومن روح فضفاضة بالعلم والمعرفة وصناعة التنوير .
هو تمامًا ذلك الخيط الرفيع بين الذات والمجتمع، أي بين الدور المهني والواجب الوطني، وبين الخاص والعام تقف طيور الحرية مرفرفة فوق منصاتنا الصحافية العريقة تهنئها بشهر رمضان الكريم، وبالعشرة الأواخر والأيام المباركة، وقيام الليل في مكنونه المستحب وجلاله العظيم.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |