العدد 5684
الثلاثاء 07 مايو 2024
banner
د. عدنان محمد القاضي
د. عدنان محمد القاضي
إشراك أسر الموهوبين في رعايتهم
الخميس 20 أكتوبر 2022

تُعَدُّ أسر الموهوبين طرفاً أساساً في تطوير التعليم وتحسين مُخرجاته واقتراح جزء من عمليّاته، ليس فقط لما يرتبط منها بالخِدمات المُقدَّمة لأطفالهم، بل يتعدَّاه إلى الرعاية الشاملة لجميع الطلبة ما داموا في مدرسة واحدة يتلقَّونَ مُختلف التوجيه ومُتنوَّع الدعم؛ وليس فقط بما يتَّصل منها بنوعية البرامج الإثرائية والفعاليات المُعزِّزة لجوانب التميُّز لأبنائهم وبناتهم، بل يتوسَّع إلى جنبات المنهج وأنشطته المرافقة التي يفيدُ منها الجميع من غير استثناء.  
كما أنَّ رضا الأسر عموماً وأسر الموهوبين خصوصاً عمّا توفّره المؤسسات التعليمية من خِدمات شاملة (نفسية؛ اجتماعية؛ صحية؛ تربوية؛ تعليمية؛ ومهنية) لأطفالها من الغايات التي لها أولوية على مستوى سياسات الدول ورؤاها المستقبلية؛ وشعور الطلبة عموماً بمن فيهم الموهوبين بالأمان والاتزان الانفعالي نظير اتفاق البيئات التي يعيشون بين أحضانها دليل صحّة الخطوات التي تتبعها الدوائر التعليمية وتناغم منظومتها.
وبالرُّجوعِ إلى الاستراتيجية العربية للموهبة والإبداع في التعليم العام (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2008) وما ورد في البند 3 منْ سياساتها التنفيذية والخاص بالأسرة والبيئة الاجتماعية والمحيطة، ذُكِرَ أهمية توعية الأسر بخصائص الموهوبين؛ لضمان إسهامها في الكَشْفِ والتعرُّف، وتدريبها على تحمُّلِ الضغوطِ المُترتِّبة على وجودِ موهوبٍ فيها، وتطوير قدراتها في التعاملِ مع الموهوبين وأساليب رعايتهم وتنمية مجالات تميّزهم، ورفع درجة المرونة على عدمِ تشكيل ضغوط على الموهوبين وتجنُّبِ التوقّعات العالية التي تؤدِّي للكمالية والعِصابية.
وأثبتت دراسة فريمان (Freeman, 2000) بأنَّ تعليم أيّ موهوب يُصبح أكثر فاعلية عن طريقِ المحافظة على دورِ أفراد الأسرة وتعزيزه بشراكةٍ مع المدرسة. كما أنَّ الموهوب يستفيدُ من مُشاركةِ الأسرة في تعليمهم، عن طريق إظهار الاهتمام بواجباته البيتية، واستقصاء الموضوعات ذات الاهتمام معاً، والتواصل مع المعلمين وإدارة المدرسة بانتظام؛ والوقوف إلى جانبه في الأنشطةِ التي تُقام في مرافق المدرسة المختلفة وخارجها.
وتأسيساً لما سبق لابدّ من إبراز مسؤولية الأسر في تدريب أطفالهم الموهوبين على بعض عادات المذاكرة السليمة، وجعلهم مسئولين عن تعلمهم، وتعويدهم على حل الوظائف المدرسية بأنفسهم من دون تدخل مُباشر، وتعليمهم طرائق التلخيص لدروسهم ذات الكم من المعلومات والشروح، وحثهم على متابعة الدروس كل مادة وما تتطلبه من وقتٍ واهتمام، وتوفير دروس علاجيه بالاتفاق مع المدرسة للمواد الدراسية التي تنسجم وميولهم، وإنْ كانوا أكبر منهم سنَّاً قليلاً.
وعليه، سوف يتمّ معالجة أربعة محاور رئيسة بصورة علمية إجرائية؛ بغية الوصول إلى شراكة حقيقية بين أسر الموهوبين والتعليم بكلِّ نُظمه ومناهجه وكوادره البشرية العاملة فيه، وهي كالتالي: 

أولاً: الكشف والتعرُّف إلى الموهوبين
وفي هذا المحور يُمكن اقتراح الإجراءات الآتية:
• إطلاع الأسرة وزيادة معلوماتها حول ميدان الموهبة ومتطلباته وكيفية اكتشاف الموهوبين ورعايتهم.
• حضور عدد من الدورات التدريبية والمحاضرات التوعوية بشأن مجال الموهبة والإبداع التي تُقيمها المؤسسات التعليمية والشبابية.
• قيام المدرسة بتثقيف الأسر بالأدوات (اختبارات؛ ومقاييس) المُستخدمة في الكشف والتعرُّف إلى الموهوبين.
• تخصيص المدرسة وضمن مراحل الكشف والتعرُّف مرحلة تُشارك فيها الأسرة باستخدام أدوات كاستمارة ترشيح ولي الأمر والتزكية وملف الإنجاز.
• وضع آلية دقيقة للتظلّمات التي قد يرغبُ بالتقدُّم بها الأسر حول استبعاد أطفالهم المرشحين لعملية الكشف والتعرُّف.      
• ربط توقّعات الأسر بمستوى وقدرات طلبتهم المرشحين كموهوبين، وتقبُّلهم للنتائج التي سوف يحصلون عليها أطفالهم من جرّاء التَّعرض لجملةٍ من الأدوات في عملية الكشف والتعرُّف.
• استفادة الأسر التي رشَّحت أطفالها لعملية الكشفِ والتعرُّف ولم يُحققوا المستوى المطلوب من الملاحظات ونقاط الضَّعفِ؛ ليبنوا وفقَها أنشطة وبرامج مع معلمي المواد الدراسية أو اختصاصيي الأنشطة في المدرسة.

ثانياً: المساءلة فيما يُقدَّم من خِدمات داخل المدرسة والأطراف المُتعاونة معها
وفي هذا المحور يُمكن اقتراح الإجراءات الآتية: 
• المتابعة الدائمة من قبل الأسر بشأن ما يقوم به الموهوبون من أداءات، وما يمارسونه من أدوار تربوية واجتماعية في المدرسة.
• التأكُّد من توافر البيئة الآمنة والهادئة التي تجعل من الموهوبين سليمي النفس والعقل. 
• إعداد خطط فردية يُشارك في وضعِها كل منّ الموهوب ومعلمه وأسرته.
• وجود الأسر في بعض الفعاليّات المدرسية أثناء ممارسة الموهوب ما يُجيده.
• إظهار التسامُح للأخطاء العفوية غير المقصودة من قبل الموهوب، والتعامل الراقي حيال تصرّفاته وردّات أفعاله تجاه المعلمين والزملاء في المدرسة.
• الحرص على أنْ تكون البرامج الاثرائية ذات طابع تراكمي ومُستمر ومتدرِّجة منذ اكتشافه كموهوب وانضمامه إلى أقرانه ممن يُماثلونه مجال الموهبة.
• التأكيد على ضرورة تدريب الموهوبين على استخدام استراتيجيات عدَّة، ومنها: التعلُّم المُستقل؛ البحث العلمي؛ وحل مشكلات مستمدة من أرض الواقع.

ثالثاً: متابعة مستوى التحصيل الأكاديمي مع معلمي المواد الدراسية 
وفي هذا المحور يُمكن اقتراح الإجراءات الآتية:
• الزيارات الدائمة لمعلمي المواد الدراسية وبحسب المواعيد المُعطاة؛ وقوفاً على مستوى التحصيل وتطوِّره وتمكّن الموهوبين من الكفايات المعرفية والمهارات الاجتماعية.
• بحث الصعوبات التعليمية إنْ وُجِدت لدى الموهوبين منذ اكتشافها (التدخُّل المُبكِّر) من خلال الاختبارات أو الواجبات المنزلية أو ملاحظات المعلمين أو توجّسات الأسر.
• مراعاة التنوُّع في الواجبات والتكليفات المنزلية والتمرينات المُعزِّزة للمفاهيم المُجرَّدة كل بحسبِ مادته الدراسية.
• الوصول بالموهوبينَ إلى أقصى ما يستطيعون من غير ضغطٍ نفسيٍّ أو جُهدٍ عقلي بالتنسيق مع معلمي المواد الدراسية التي لم يُحققوا فيها تفوّقاً أكاديمياً أو نجاحاً مقبولاً.
• الاتفاق على صيغة مقبولة بخصوص الموازنة في الاهتمام والوقت المُتاح لدى الموهوبين مع معلمي المواد الدراسية؛ إذ قد يُسجَّل عليهم إهمال بعض دروسهم واستعاداهم للاختبارات القصيرة والرُّكون إلى مجال موهبتهم.
• مراعاة خروج الموهوبين أحياناً من المدرسة أو سفرهم للمشاركة في مسابقات أو معارض، بحيث تُسجَّل لهم نقاط (درجات) تشجيعية؛ ويعوَّضون عمّا فاتهم من دروس أو اختبارات مفصلية.
• توفير بعثات دراسية ومنح للموهوبين في الأنشطة من خرِّيجي الثانوية العامة من دون النظر إلى المعدل التراكمي؛ وأحياناً توفير مسار مناسب للموهوبين من الشهادة المتوسِّطة (الإعدادية) ينسجم مع قدراتهم وميولهم المهنية.

رابعاً: المشاركة في تنفيذ المناشِط المتصلة بالمواهب المختلفة داخل المدرسة
 وفي هذا المحور يُمكن اقتراح الإجراءات الآتية:
• المُبادرة في تسجيل بيانات أفراد من أسر الموهوبين ممن يتوفَّر لديهم مجالات تميُّز يُمكن أنْ يعطوا فيها لطلبة المدرسة عموماً والموهوبين خصوصاً.
• مُشاركة بعض معلمي المواد الدراسية في تنفيذ جزء من الحصّة الدراسية وبما يتَّصل بجوانب قوية يتحلّى بها أفراد من أسر الموهوبين.
• التطوُّع في الأنشطة والفعاليات الكُبرى التي تُقيمها المدرسة في المناسبات الدينية أو الوطنية ونحوهما.
• اقتراح بعض الأنشطة والفعاليات المُتميِّزة وغير التقليدية التي يُمكنُ أنْ تنفَّذ داخل إطار المدرسة.
• المُساهمة في توفير بعض احتياجات المدرسة أخذاً في الاعتبار اللوائح والقوانين الخاصة بتنظيم مثل هذه المسائل الماليّة أو العينيّة وبما يتصلُ منها بمجالات الموهبة المختلفة.
• مُشاركة الموهوبين في بعض أنشطتهم الخارجية والزيارات الميدانية والمُخططة لمرافق المملكة.
• المُشاركة في تقييم مخرجات وأثر البرامج والأنشطة الإثرائية المُطبَّقة في المدرسة والخاصة بالموهوبين.

خامسًا: العلاقة بين الأسر ومعلم الموهوبين في المدرسة
من أجل بناء الشراكة الفاعلة بين ولي الأمر ومعلم الموهوبين يجب الانتباه لعدة نقاط أساسية تدعم وتبني العلاقة في مصلحة تربية وتطوير مهارات الموهوب، ومنها:
• العمل الجماعي الفعّال.
• معاملة المعلم كصديق لعائلة الموهوب.
• دعم وجهة نظر معلم الموهوب.
• الاطلاع على برامج التدريس والمناهج المتبعة.
• اختبار دافعية والديْ الموهوب.
• الحديث المباشر مع معلم الموهوب.
• المحافظة على الإيجابية والتعاون مع معلم الموهوب.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية