+A
A-

“التمييز” تنقض حكمًا بعد تعديلات قانون الإجراءات الجنائية

في أول حكم من نوعه بعد صدور التعديلات الجديدة على قانون الإجراءات الجنائية قبل عدة أيام، أصدرت محكمة التمييز الثانية حكما بإعادة قضية، مدان بالتسبب في إصابة أحد عمال شركة المقاولات التي يعمل فيها لإصابات جراء عدم استعمال حزام السلامة أثناء تسلق السقالات عقب سقوطه منها؛ وذلك للمحكمة التي أصدرت حكمها بتغريمه ومتهم آخر -لم يطعن على الحكم- 1200 دينار عن كل الاتهامات المسندة إليه، نظرا إلى أن المجني عليه طالب بتعويض يصل إلى 80 ألف دينار جراء الإصابات التي لحقت به.

وكانت النيابة العامة أحالت الطاعن ومتهما آخر للمحاكمة على اعتبار أنهما بتاريخ 20/9/2017، ارتكبا الآتي:

أولا: تسببا بخطئهما في إصابة عامل نتيجة إخلالهما بما تفرضه عليهما أصول مهنتهما بأن ارتكبا المخالفات أدناه الأمر الذي تسبب بإصابة العامل سالف الذكر.

ثانيا: لم يلتزما بمراعاة تقييم المخاطر في موقع العمل وتحديد الإجراءات المتخذة سابقا ومدى فعاليتها واتخاذ الإجراءات اللازمة والتي تكفل سلامة العمال في موقع العمل.

ثالثا: المتهم الأول:

1 - لم يلتزم بمراعاة توفير سقالات مأمونة ومناسبة لأداء العمل المطلوب.

2 - لم يلتزم باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية عماله من مخاطر بيئة العمل أثناء العمل من حيث إحاطة العامل علما بمخاطر مهنته والوسائل الوقاية الواجب عليه مراعاتها.

3 - لم يلتزم بمراعاة تدريب العامل على استخدام حزام السلامة لمزاولة عمله بشكل آمن.

4 - لم يلتزم بإجراءات التحليل وتقييم المخاطر والتي ثبت أن استخدام حزام السلامة ناجع عمليا.

رابعا: المتهم الثاني (الطاعن): لم يلتزم بمراعاة قيام صاحب العمل باتخاذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة لحماية الأشخاص المتواجدين بموقع العمل أو بالقرب منه.

وأثناء نظر الدعوى من قبل محكمة أول درجة الصغرى الجنائية تقدم العامل بدعوى مدنية طالب فيها بإلزامهما بتعويض مؤقت قدره 80 ألف دينار عن الإصابات التي لحقت به جراء الحادث، ولكن المحكمة انتهت إلى القضاء بتغريم كل من المتهمين مبلغ 200 دينار عما نسب إليهما بالبند أولا، وأمرت بتغريم كل منهما مبلغ 500 دينار عن كل تهمة من التهم المسندة اليهما، فلم يرتضيا بهذا الحكم وطعنا بالاستئناف، إلا أن المحكمة قضت برفض استئنافيهما وأيدت الحكم سالف البيان، وهو ما لم يقبل به المتهم الثاني وطعن عليه أمام محكمة التمييز.

وقالت محكمة التمييز في أسباب حكمها إنه لما كان ذلك وكان قد صدر بعد الحكم المطعون فيه القانون رقم 7 لسنة 2020 بتاريخ 2 أبريل 2020 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 46 لسنة 2002 ونص في المادة 5 منه على العمل بأحكامه من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية، والذي تم بتاريخ 3 أبريل 2020، ونص في المادة 4 منه على إضافة مواد جديدة من بينها (21 مكرر أ وب) إلى قانون الاجراءات الجنائية، واللتان نص فيهما على أنه للمجني عليه أو وكيله الخاص أو لورثته أو وكيلهم الخاص مجتمعين في الجنحة المنصوص عليها في المادة 343 من قانون العقوبات أن يطلب من النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم بموجب محضر صلح كتابي موقع منهما في أية حالة كانت عليها الدعوى وبعد صيرورة الحكم باتا ويترتب على التصالح أو الصلح انقضاء الدعوى الجنائية في الجريمة محل التصالح أو الصلح والجرائم الأخرى المرتبطة بها ارتباطا لا يقل التجزئة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية إذا كانت العقوبة المقررة لها أخف من عقوبة الجريمة محل التصالح أو الصلح ولا أثر للتصالح أو الصلح على حقوق المضرور من الجريمة، وإن كانت كل من المادة 21 مكرر أ وب سالفتي الذكر ظاهرهما إجرائي إلا ان حكمها يقرر قاعدة موضوعية؛ لأنها تقيد حق الدولة في العقاب بتقرير انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بدلا من معاقبة المتهم.

وأضافت أنه ومن ثم فإن هذا القانون يسري من اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية باعتباره القانون الأصلح للمتهم وفقا للفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون العقوبات، إذ أنشأ للمتهم وضعا أصلح له من القانون السابق.

وأشارت إلى أنه ولما كانت المادة 33 من قانون محكمة التمييز الصادر بالمرسوم رقم 8 لسنة 1989 تخول محكمة التمييز أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى، فلكل ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه، والاعادة، حتى تتاح للطاعن فرصة محاكمته من جديد على ضوء أحكام القانون رقم 7 لسنة 2020 سالف الذكر وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وأمرت بإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته للحكم فيها من جديد.