+A
A-

إبراهيم التميمي: لتوثيق الملكية الفكرية وتصدير الهوية البحرينية

أكد مدير برنامج البحرين لأفضل الممارسات الحكومية إبراهيم التميمي أهمية أن يكون الفكر الإبداعي نهجا مستداما في الحياة اليومية، موضحا بأن كثيرًا من المنتجات والأفكار البحرينية لا تُسجل وفق نهج حق الملكية الفكرية كما يفعل الآخرون، وهو أمر خاطئ، ويهدر الحقوق الوطنية.

وأوضح التميمي على هامش الندوة التي قدمها في مركز (دراسات) صباح يوم أمس تحت عنوان “من الإنتاجية إلى التنافسية” بحضور رئيس المركز الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وجمع من الأكاديميين والباحثين بأن هنالك حرفا، ومهنا محلية تحتاج التطوير وللتسويق الصحيح، وهنالك تجارب مستفادة الأخذ بها سيدفع الدولة لأن تكون في الصدارة.

وقال التميمي “الدول المتطورة تقوم على الصناعات بالدرجة الأولى، وأذكر أنه وفي لقاء جمعني مع رئيس غرفة وتجارة صناعة روسيا بأن قلت له: لماذا تتأخرون في منح تأشيرات الدخول للسياح؟ فأجابني: نحن دولة صناعية وليس سياحية”.

وأضاف “في العام 1982 أصدرت الصين قانونا يجرم هجرة الابن لوالديه، وهو قانون نرى من نتاجاته اليوم الأعداد الهائلة من الشركات العائلية التي تغرق بها الصين، والتي تقوم على الأسرة نفسها، وتمثل عصبا رئيسا للاقتصاد الوطني الصيني والذي بات من أهم اقتصادات العالم”.

ويزيد التميمي “في البحرين لدينا الكثير من الحرف الجميلة، والمهن، التي أخذت منحنى من الانقراض والتآكل؛ بسبب غياب التنظيم وفتح أبواب الفكر الجديد، وأشير هنا -على سبيل المثال- وليس الحصر- مجمع الأسرة المنتجة في ضاحية السيف والذي بات مهجورًا بسبب انعزاله عن قلب الحراك الاقتصادي نفسه، وابتعاد أثر أنشطته عن المراكز التجارية الجاذبة للناس، كمجمع السيتي والأفنيوز، وغيرها”.

ومضى بالقول: “لكن البحرين وفي المقابل، تظل أكثر دولة خليجية تقدم الدعم والمساندة لمشاريع الأسرة المنتجة، وهو أمر غير موجود خليجيا إلا هنا، كما أن البحرين تهتم برفع مستوى الأسر البحرينية على مستويات دعمها وتمويلها، والذي حدث هو تزايد عدد الأشخاص الذين يحتاجون الدعم في الوقت الذي تدفع به الدول”.

وأشار إلى وجود فجوة بالأجور، “فالبحريني وصل متوسط أجره بالقطاع العام إلى 600 دينار والأجنبي 120 دينارا، هذه الفجوة تحديدا هي التي جعلت الأجنبي مفضلا لدى صاحب العمل عن البحريني”.

وذكر التميمي أن” 5700 أسرة فقيرة سجلت في برامج دعم الأسر المنتجة وبحيث تنال التمويل والدعم من الدولة، 570 منها فقط هي التي استفادت من البرامج التدريبية وانتفعت منها، فلماذا؟”.

واستدرك بالقول “هنالك فارق ما بين تعليم الفرد الإنتاج أو المعرفة، ويمكن أخذ موضوع نقش الذهب البحريني كمثال على ذلك، حيث يصل تصميم المجوهرات الى 2000 دينار، في حين لا تتجاوز مهنه النقش أو الصب عدة مئات من الدنانير فقط، لابد من تغيير الفكر التقليدي إلى الحديث”.

وتساءل التميمي وسط اهتمام من الحضور الذين تكدست بهم الصالة” لماذا لا تُسجل الأمور المبتكرة في البحرين كحقوق ملكية فكرية تضمن حق المُبدع؟ هذا التأخر يهدر الحقوق، ويدفع الكثيرين من بعد، لأن ينتقدوا أخذ الآخرين أفكارهم، مكمن الخلل في عدم توثيقنا وتسجيلنا لإبداعاتنا”.

ويستشهد التميمي بأحد الأمثلة بقوله “في الإمارات كل مبادرة إبداعية مهما صغر حجمها في بيئات العمل المختلفة، تُسجل فورا كحقوق ملكية فكرية، وهو سبب من أسباب عديدة، دفع الإمارات لأن تتبوأ اليوم المرتبة الخامسة عالميا في المجال الإبداعي”. ولفت قائلا “التدريب الحاصل في البحرين، رغم تنوعه، وكثرته، الا أنه غير قادر على توصيل الفرد لمرحلة الاعتماد على نفسه، فاستمراره وإبداعه مرتبط بالدعم الذي يقدم له، نريد رفع الدعم إلى مستوى الحماية، ونريد أن نصدر العلامات التجارية البحرينية إلى الخارج، فهي تعكس ثقافات البلد، وقيمها، وقوة اقتصادها، وتنوعها، فلماذا لا يوجد لدينا خطة واضحة المعالم بهذا الجانب؟”.

واستكمل التميمي “الذي سيقدم لنا استدامة أكثر هو الحفاظ على الملكية الفكرية، وضمان استمراريتها وتزايدها، والفت انتباهكم هنا بأنه لا توجد أي مادة تعليمية تابعة لوزارة التربية والتعليم تُدرس ريادة الأعمال، ولا في الجامعة البحرين نفسها”.

وبيَّن “أن هنالك حرفا محلية بحرينية عديدة تحتاج الحماية، والتطوير، والتسويق الصحيح، منها مثلاً اللؤلؤ الصناعي والذي لا نراه لا في الفنادق ولا في المجمعات التجارية أو غيرها، بالرغم من أنه علامه تميز البحرين، وأذكر أنه وفي زيارة قمت بها لنيوزلندا، وأثناء انتظاري في استقبال الفندق لكي أستلم غرفتي، تفاجأت أثناء انتظاري بتقديم الموظفة لي علبة حليب نيوزلندية الصناعة كنوع من الضيافة، والترويج لمنتجات البلد المحلية، فهل لدينا تجارب شبيهة في فنادق البحرين؟”. ويتابع التميمي “البحرين هي الثالثة وأربعين عالميا على مستوى التنمية البشرية، بتوفير خيارات موسعة للناس، كأن يختار المرء أن يكون أكاديميا أو مهنيا، وكأن نرى تمكين تدعيم خريجي السجون لبدء حياة جديدة، وهو أمر نفخر به، لكننا نطمح للمزيد”.

واستطرد قائلا “يُصدر من البحرين سنويا إلى العالم، ما يقارب خمسة الآلاف بحث باللغة العربية، لكن على المستوى العالمي لا نصل إلى جزء بسيط من هذا الرقم، بسبب أن الاعتمادية تكون للبحوث الناطقة باللغة الإنجليزية”.

وختم بالقول “لا نحتاج لأن نروج لإبداعاتنا المحلية لعمل الكثير من الخطوات، بقدر ما نحتاج إلى ترتيب أعمالنا وأفكارنا نفسها، منها إعادة تنظيم علمنا وفق منظومة الملكية الفكرية”.