+A
A-

كلمة جلالة الملك في يوم الشهيد... دروس للأجيال القادمة

تُوج احتفال “يوم الشهيد” بالكلمة السامية لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، التي وجهها جلالته بالشكر والتقدير سواء لأبناء الوطن الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل حمايته، ولذويهم، وللمواطنين الذين آزروهم وشدوا على أياديهم، وللشهداء من الدول الشقيقة والصديقة.

وعبرت كلمات جلالة العاهل خلال رعايته الكريمة لمراسم الاحتفال بيوم الشهيد في قصر الصخير عن حقيقة ما تحمله قلوب أبناء هذه الأرض الغالية من مشاعر طيبة لكل من ساهم بجهد في سبيل الذود عن حياض الوطن وتحقيق الأمن والاستقرار.

كما جسدت اللقطات المصورة التي التقطت وجمعت بين جلالته وأبناء ذوي الشهداء الذين تفاوتت أعمارهم، أسمى آيات العز والزهو بهذا الجيل من الخلف الصالح الذي لن يحيد أبدا بمشيئة الله تعالى عن معاني الفداء التي سطرها آباؤهم من الشهداء الأبرار.

إشادة جلالة الملك في كلمته ليست فقط بالتضحيات التي قدمها شهداء البحرين الأبرار، وإنما أيضا بالأدوار الجليلة التي قام بها ذووهم على مر تاريخ البحرين القديم والحديث والمعاصر، وما زالوا يقومون بها إلى الآن؛ لأنهم غرسوا في أبنائهم روح الإخلاص والفداء، ونهل منهم الشهداء الأبرار القيم الوطنية الرفيعة.

ولا شك أن هذه المعاني السامية والقيم الراسخة التي عبَّر عنها جلالة العاهل سينهل منها الصغار قبل الكبار من الأجيال القادمة، هؤلاء الذين تزينوا بالأمس بلباس الشرف والكرامة معلنين استعدادهم للتضحية بالغالي والنفيس، ومستلمين عن طيب قلب راية حب الوطن ليرفعوها خفاقة عالية.

كانت كلمات جلالة العاهل مثالا في تأكيد أهمية الوعي والمدركات بثقل الدور الملقى على عاتق من يتولون أداء الواجب المقدس في ميادين الفخر والبطولة، كل في موقعه، وكيف كانت أرواحهم الطاهرة ودماؤهم الزكية عنوانا بارزا لسجل حافل من العطاء والإخلاص، ونبراسا مضيئا لأجيالنا القادمة.

ولعل اللفتة الملكية السامية إلى “جميع شهدائنا الأبرار الشجعان من رجال البحرين المخلصين منذ قيام الدولة في عهد المؤسس الأول إلى يومنا هذا” تؤكد أن المملكة بروح أبنائها الوثابة والمخلصة تجدد العهد دوما على مواصلة مسيرة العز والفخر في ساحات التضحية وميادين الفداء، وأنها لن تبخل بجهد ولا بعرق ولا بدم في معارك البطولة والإيمان بأداء الواجب المقدس.

وإذا كانت البحرين قدمت، وما زالت، أروع الأمثلة في ساحات الشرف والبطولة منذ عهد مؤسسها الأول وطوال تاريخها، فإن مسيرتها الوطنية تعبر بجلاء أيضا عن أن شهداءها الأبرار لم يقتصر دورهم ولا تتوقف مكانتهم على أداء الواجب الداخلي ضمن حدود الوطن فحسب، وإنما تجاوز ذلك ليشمل أيضا مهام الواجب المقدس خارج حدود المملكة سواء في البر أو البحر أو الجو.

وأكد هذا المعنى جلالة الملك الذي شد على أيدي أبناء البحرين “ممن استشهدوا داخل الوطن وخارجه نصرةً للحق وإرساء للعدل ودفاعا عن أمن وسيادة أوطاننا والتصدي للإرهاب ومد يد العون والإغاثة للأشقاء”، في دلالة إلى دور هؤلاء الشهداء الأبرار الذين قضوا نحبهم جنبا إلى جنب مع أشقائهم في اليمن وغيره، وكانوا وما زالوا نموذجا يعبر عن قدرة البحريني على الوفاء بالمهام الجسام المناطة به والملقاة على عاتقه خدمة لدينه ونصرة لأهله.

إن الاحتفاء بهذه المعاني الجليلات التي سطرها شهداء البحرين الأبرار طوال تاريخ البلاد تزامنا مع احتفالات المملكة بالمناسبات الوطنية، إذ ما زالت أجواء وشوارع البحرين تتعطر بنسيمها وعبقها، وتحفل أزقتها ومؤسساتها بالعديد من الصور والملامح التي تعبر عن التفاف الشعب حول قيادته، الأمر الذي يمثل حافزا لكل مواطن وباعثا له بالمشاركة الفاعلة في ميادين البذل والعطاء، والانخراط بقوة وبإخلاص في مسيرة منعة بلده وتحصين أبنائه ضد كل معاول الهدم أو عدم الاستقرار.

لقد كان أبناء شعب البحرين على قدر المسؤولية التي يتحملونها في كل ميادين الواجب والبناء والتنمية، ولن يغضوا الطرف عن الرؤية الإستراتيجية والثاقبة التي يقودها جلالة العاهل لتثبيت وتأصيل هذه المناسبات الوطنية الجليلة في ذاكرة الوعي الجمعي، وكلهم وفاء يبادلونه العطاء تجسيدا لحقيقة واحدة وهي أنهم يعاهدون الله أن يبقوا عونا وسندا لكل ما يراه جلالته مناسبا، وبدا ذلك واضحا بالنظر إلى هذه الأجواء الاحتفالية التي سادت المملكة خلال الفترة الأخيرة، حيث الحضور الجماهيري الواسع هنا وهناك، والذي تلمّسه الجميع بالمملكة في مختلف الميادين والمجمعات التجارية والشوارع، والسيارات التي تزينت بالأعلام والصور المعبرة للواء.