+A
A-

هدى رضي... أول بحرينية تنال شهادة “غولدمان ساكس”

حرب على الورود في “فلنتاين” 2008

وفاة والدتي جعلتني امرأة حديدية

زوجي داعمي الأول والأخير

وضعت شهادة الماجسـتـيـر عـلـى الـرف وهـذا هـو السبـب

الترشح للنيابي تجربة فاشلة ولن أعيدها

حولت إدماني الشوكولاته إلى مشروع تجاري

 

سيدة أعمال تحب التحدي لتحقيق أحلامها وطموحاتها. عشقت وأحبت النجاح والتفوق منذ طفولتها، إذ كانت طالبة متفوقة بجميع المراحل الدراسية، ورغم مرض والدتها (رحمها الله)، الذي أثر على معدلها الدراسي في البكالوريوس إلا أنها حولت هذا الإحباط إلى نجاح وتفوق بعد ذلك، وأحست أنها أصبحت امرأة حديدية، فهي لم تستلم وتضعف بل على العكس من ذلك، أصرت على النجاح لتهدي هذا التفوق إلى والدتها الراحلة.

تؤمن ضيفتنا في “لقاء الأحد” هدى رضي أنه يجب على المرء أن يتحدى نفسه ويبذها ليشعر بحلاوة النصر، فهي لا تقبل بالفشل، فتكرر المحاولات حتى تصل إلى مرادها.

ترشحت رضي للانتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين في آخر دورتين 28 و29، ورغم أن الحظ لم يحالفها في دخول مجلس الإدارة الغرفة، إلا أنها راضية بإيصال صوتها للسباق الانتخابي.  كما اختيرت كأول امرأة بحرينية تنال شهادة “غولدمان ساكس” الأميركية، ولديها شهادة زمالة من منظمة فيتال فويسس الأميركية لتمكين المرأة اقتصاديا. وهي عضو في العديد من الجمعيات في البحرين من بينها جمعية سيدات الأعمال البحرينية، والمجلس البحريني الفرنسي، ونادي الخريجين البحريني البريطاني، ومعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية “BIBF”. وفيما يلي نص اللقاء معها:

النشأة والدراسة

أهلي من المنامة وسكنت بها، إلا أنني ولدت في المحرق، ولذا أصبح لدي حب خاص لها. درست في مدارس البحرين، وخلال العطل الصيفية كنا نسافر إلى لندن، ولذا صار لدي ارتباط عاطفي بهذه المدينة قبل الدراسة فيها. سافرت للدراسة الجامعية في لندن، وعملت فيها واستمتعت بالتطور الوظيفي، لكن حبي للبحرين جعلني أعود لها.

تخرجت في المرحلة الثانوية في المساق العلمي تخصص “كيمياء وأحياء” وعندما طلبت من والدي في ذلك الوقت دراسة العلوم السياسية، لم يوافق، ورأى أن النساء لم يمارسن هذا المجال، ولكن بعد المشروع الإصلاحي لجلالة الملك سمح لهن بولوج جميع المجالات. تخصصت في إدارة الأعمال الدولية؛ لأن في إحدى المرات وأنا مسافرة “ترانزيت” بمطار شارل ديغول بباريس، طارت عني الرحلة فقررت دراسة الفرنسي كتخصص رئيس؛ حتى لا أواجه ذات الأمر مرة أخرى.

تغيير تخصص الماجستير

كنت سأدرس ماجستير إدارة أعمال “MBA” على نفقة والدي منصور رضي، الذي أرهقته مصاريف دراستي ماديًا، فحينها كانت الجامعة قد فتحت تخصصًا جديدًا للماجستير وهو هندسة أنظمة وإدارتها، وكانت تبحث عن طلبة حاصلين على معدلات مرتفعة في مواد معينة لدراسة هذا التخصص الجديد، فاقترح علَي مدير قسم التخصص الجديد التحويل من ماجستير إدارة الأعمال إلى هندسة أنظمة وإدارتها وتجربة هذا التخصص ومنحني بعثة لفصل دراسي واحد.

تحديتُ نفسي وتخرجت بتفوق في الماجستير؛ لأنني أحب التحدي، ولذلك يجب أن يتحدى الفرد نفسه في أي أمر صعب حتى يشعر بطعم الإنجاز. والمرء الذي يعيش في لندن يتعلم أنه ليس هناك مستحيل وتمنحك أملا لا نهاية له.

محطة “رويترز”

عملت في وكالة رويترز بلندن بقسم مراقبة نظام إدارة المخاطر بالبنوك، عندما كنت أعد رسالة الماجستير بعنوان “كفاءة نظام مراقبة إدارة المخاطر للوكالة” في العام 1998. وأذكر أني عدت إلى البحرين؛ لإجراء استبيان على مستخدمي نظام رويترز في البحرين لرسالتي، وكانت المؤسسة العربية المصرفية آنذاك “حاليًا بنك ABC” الوحيدة التي لديها نظام رويترز.

تعرفت في الاستبيان على أوجه الضعف والقوة في نظام رويترز في البنوك، إلا أنهم سألوني إن كنت قد حصلت على إذن للحصول على هذه المعلومات وتوزيع الاستبيان، وطلبوا مني التواصل مع رويترز. وبالفعل تواصلت مع الوكالة في البحرين التي عن طريقها عملت في “رويترز لندن”، والأخيرة ساعدتني لعمل استبياني للمستخدمين هنا، وكان من ضمنهم المؤسسة العربية المصرفية التي تعاونت معي في البحث.

كانت البداية صعبة لي، إذ اخترت موضوعًا معقدا لرسالة الماجستير وغير موجود بالسوق، وربما لو وجدت نقاط ضعف قد يؤثر على مبيعات رويترز، إلا أنه بفضل الله ثم الوكالة “رويترز لندن” سهل الأمر علَي، إذ أرسلتني لحضور مؤتمرات يورومني في فرنسا بصفتي طالبة للتعرف على وجهة نظر المستخدمين في النظام وما أوجه النواقص ليصلحها المطورون، ومع الأسف هذا جعلني أوقع اتفاقية مع الوكالة بعدم نشر البحث على الرغم من حصولي على عروض للشراء. ووقتها عملت رسالتين الأولى عن نظام رويترز والثانية لمقارنة نظام رويترز مع الأنظمة الأخرى في لندن.

رسالة “الماجستير” على الرف

أعتز بتجربة عملي في “رويترز لندن” والتي تعادل شهادة ماجستير من ناحية المعلومات التي حصلت عليها على الرغم منها كانت لفترة 6 أشهر فقط. وقبلها عملت في “ميريل لينش” لمدة عام واحد بقسم الائتمان، ورغم أن العمل فيها كان ممتعًا إلا أنه لا يضاهي العمل في الوكالة. ومذ عدت إلى البحرين في العام 2000، لم أكن أرى أي اهتمام بالتكنولوجيا أو الأرقام وغيرها فاضطررت للعمل بقطاع البنوك بشهادة البكالوريوس إدارة الأعمال الدولية، ووضعت رسالتي للماجستير على الرف، إذ لم يكن هنالك مجال للاستفادة منها.

حبتا شوكولاته... البداية

كنت في رحلة أثناء عملي في بنك طيب بالوحدة المصرفية الخاصة، كان عملي يتركز بين جدة والكويت، وخلال زيارة الكويت لعرض استثمارات البنك تعرفت على صاحبة محلات دسكاليدس وضمن الدردشات النسائية عرفت أنني أحب الشوكولاته فأعطتني علبة مغلفة بالشوكولاته تحتوي على نصف كيلو إضافة إلى حبتين منها لتجربتها وتذوقها، فأصبح لدي إدمان بالشوكولاته من أول حبة.

محاولات عديدة من دون يأس

عندما عدت إلى البحرين رغبت في فتح مشروع تجاري، فمنذ كنت طالبة بالمرحلة الجامعية كنت أريد ممارسة مشروع تجاري وطلبت من والدي فتح كشك لبيع الشموع المعطرة التي لم تكن دارجة آنذاك في مجمع السيف، إلا أنه لم يوافق وطلب مني إكمال الدراسة، ثم التفكير في المشاريع بالبحرين.

وفي العاصمة البريطانية، فكرت مع مجموعة مكونة من طلبة سعوديين وبحرينيين اثنين، وسودانية وقطري، بمشروع جلب صيدلية بوتس إلى دول الخليج، وبالفعل ذهبنا إلى الصيدلية إلا أنهم استصغرونا ولم يوافقوا على ذلك؛ لعدم حصول أي منا على شهادة صيدلة، رغم أن الطلبة المشاركين من عوائل تجارية، وفي النهاية قدمنا المشروع إلى الجامعة ولم نتمكن من تحقيقه على أرض الواقع.

مشروع عائم

بعد عودتي إلى البحرين عملت على مشروع باخرة عائمة يحتوي على مطعم 5 نجوم، ولذا اختارتني منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “اليونيدو”. وأعددت دراسات بهذا الخصوص إلا أنه لم يكن هنالك سجل لمثل هذا النوع من المشاريع. وبعد السماح بتشغيل “البوانيش” العائمة في البحرين، توقع الجميع أن يكون مشروعي، ولذلك عندما غرق معظم مهندسي تصميم مشروع مركز التجارة العالمي بالبانوش كان الجميع يسأل إن كان هو مشروعي، ثم اكتشفت أن مشغل المشروع لم يكن لديه تصريح للعمل.

السهل الممتنع

في النهاية، اخترت السهل الممتنع وهو الشوكولاته، فتواصلت مع أصحاب مصنع شوكولاته “دسكاليدس” البلجيكية الذين كانوا متعاونين جدًا، وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة الصناعة والتجارة آنذاك، وحصلت على وكالة “دسكاليدس” للشوكولاته بالبحرين في العام 2004، ثم في العام 2006 أصبحت وكيلا لسلطنة عمان إلى جانب المملكة.

كان الاقتصاد البحرين في العام 2007 مزدهرًا وشهد طفرة كبيرة، أذكر أن “الفالنتاين” شهد حربًا على الورود، اشترينا الورود من السوق السوداء، الوردة الواحدة بقيمة دينار واحد وبعناها بدينارين وعليها طلب كبير، وبالنسبة لي العام 2008 أيضا شهد الـ “فلنتاين” إقبالا على الورود. وبمقارنة الأعمال في سلطنة عمان بالبحرين، وجدت أن العمل هناك بطيئًا، خصوصًا أنني كنت أستورد أطنان من الشوكولاته من بلجيكا إلى البحرين، بينما شكل فرع سلطنة عمان لي عائقا فقمت ببيعه في 2008. مرت البحرين بظروف صعبة وأصبح القطاع التجاري مرهقا، ولا يزال إلى اليوم لوجود العديد من العوامل. كما واجه مصنع “دسكاليدس” تغيير في الإدارة، وحاليًا أعمل على تزويد طلبات الشوكولاته والورود للشركات الكبيرة وحفلات الزفاف.

شركة تكنولوجيا مالية جديدة

افتتحت في شهر مارس 2018 شركة خدمات “ريتشموند” للاستشارات، تيمنا بدراستي في جامعة ريتشموند، وهذه الشركة تركز على حلول الابتكار ومن بينها التكنولوجيا المالية “فينتك”، وأرغب في عمل شراكات مع شركات بريطانية؛ لأنهم يمتلكون المعرفة والخبرة.

كما أن الشركة ستعمل على ربط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالموزعين في الخارج، وكذلك ربط المستثمرين والشركات من الخارج مع رواد أعمال في البحرين. في البحرين مجلس التنمية الاقتصادية يتوسع ويركز على إعادة المملكة كمركز مالي بطريقة التحول الرقمي، وبالتالي استطيع الآن استخدام رسالتي للماجستير، مع أن الجميع عندما يراني يعرف أنني صاحبة “دسكاليدس للشوكولاته” ويسألني ما علاقة الشوكولاته بالاستثمارات المالية، فاضطر لأن أشرح لهم أنني دارست إدارة أعمال وكذلك هندسة الأنظمة وأنظمتها، أما العمل في الشوكولاته فلأنني عاشقة لها.

الترشح لـ “الغرفة”

تقول رضي “ترشحت لانتخابات الغرفة مرتين لأنني أطمح في التغيير”، ولا أعتبر نفسي لم أفز، وإنما فزت بوصول صوتي في هذه الانتخابات، ولهذا السبب اعتبرها تجربة إيجابية للغرفة.

وتضيف “الغرفة هي جهة استشارية لا تستطيع تغيير القوانين، وما نحتاجه لتغيير القوانين في البرلمان وهذا يعتمد على ما إذا كان من يدخل في المجلس مقتنعًا بتغيير بعض القوانين التي تخدم القطاع التجاري، ويكون هناك تعاون بين الغرفة والبرلمان ومجلس الشورى بعد ذلك يكتمل النظام التشريعي لصالح القطاع التجاري”.

البرلمان... فشل ذريع

فشلت في ترشحي للانتخابات النيابية في العام 2014 فشلا ذريعًا فيها؛ لأنها أتعبتني نفسيًا ووقتيًا وجهديًا وماليًا، وكان السبب الأساس للترشح بالنسبة لي التحدي وإثبات أن التجربة ديمقراطية، إلا أنني صدمت بالواقع عندما طلبت المساعدة من أناس. وعملت أكثر من سنة كاملة والمجلس الأعلى للمرأة أعطانا دورة تدريبية لمدة سنة كاملة. وترشحت بغرض التغيير والإصلاح ولو رأيت أن المجلس غير متجانس ربما أكون قد استقلت لأنني لا أفضل الكرسي، وإلا لما أعدت تجربة الترشح مرة أخرى لانتخابات الغرفة. تعلمت من انتخابات الغرفة إما الدخول في كتلة انتخابية أو التريث، وذات الأمر ينطبق على البرلمان، “لا للمستقلين لأن يدا واحدة لا تصفق” وفي كل مكان بالعالم الفوز للتكتل.

أول بحرينية تختار                       لبعثة “غولدمان ساكس”

اختارني “غولدمان ساكس” في العام 2015 لبعثة “غولدمان ساكس” لعشر آلاف امرأة، وكنت أول بحرينية تذهب في البعثة الى أميركا، ودخلت معهم برامج عدة، ومن ضمنها شهادة القيادة من “هارفارد” عن طريق الخارجية الأميركية.

وفي ذات الوقت اختارتني السفارة الأميركية لبعثة منظمة فايتيل فويسس التي تعنى بتمكين المرأة الاقتصادية، وكنت أول بحرينية تذهب لهذه البعثة لمساعدتي على نمو مشروعي وأصبح لدي شهادة زمالة مع المنظمة.

تختتم رضي حديثها “في البحرين زوجي هو داعمي الأول والأخير، وكان مقتنعا بمشروع الشوكولاته إذ سافر معي إلى بلجيكا وكان مؤمنا أنني أستطيع إنجاز شيء، وبالفعل من البحرين نجح دسكاليدس وتوسع وتطور، وكسب ثقة في الخارج”.