العدد 5675
الأحد 28 أبريل 2024
banner
البحث عن العقل الرقمي النخبوي!
الأحد 28 أبريل 2024

 قد يكون بحثا عن مشرط جراح داخل “كومة” من القش، عن ثقب إبرة لا تنفذ منه إلا بسلطان، وقد يكون حرثا في البحر، ذلك الذي نحاول من خلاله أن نوقف البحث عن المثقف التقليدي بزيه ومعارفه وأدواته وإنتاجه الكمي التاريخي الهائل، أن نتوقف عن البحث ونمعن في التوقف ونطيل في التحلي بالصبر على المكاره، ونحن نشهد الأمم التي سبقتنا وهي تبحث عن العقل الرقمي النخبوي وسط تلك الجموع الغفيرة التي تحمل عقلا رقميا جمعيا.
أين يا ترى يمكن العثور على النخب الرقمية بعد أن ضعنا في رحلة البحث عن العقول الرقمية التقليدية؟ كيف يمكن الاختيار والتميز؟ بل كيف يمكن تأهيل جامعاتنا الوطنية لكي نستخرج من بين تراثها التقليدي الهائل عقلا رقميا منفردا، وسلوكا آليا متماشيا ومتآلفا مع حاجات المجتمع الرقمي الجديد؟
بكل تأكيد لن يكون هناك مفر من إعادة اختراع العجلة، من البداية حيث تحول المجتمعات من الحالة التراثية التقليدية “المانيوال”، إلى المنطقة الرمادية التي تؤهل شبابنا على اكتساب مخزون فكري جديد قادر على المواءمة بين ما تم اجتراره من أحداث وأفكار ومعطيات وثقافات انتهى عمرها الافتراضي مع ذلك القادم الرقمي الهائل الرهيب، الذي يعبر عن حاجات المجتمع بأقصى سرعة وأعلى درجات المواءمة، بين الحاجات والإمكانات، بين التطلعات وواقع الحال، ثم بين الطموح والإخفاق في تحقيق هذا الطموح.
نحن نعيش حالة من البحث الدائم عن العقل الرقمي النخبوي، عن المثقف الإلكتروني بدلاً من المثقف “المانيوال”، عن الذهنية السحابية مكان الذهنية التراتبية الساكنة، لذا دخلنا في الجامعة الأهلية معترك “الأون لاين” من أوسع أبوابه، التكنولوجيا الرقمية من خلال “الفنتك”، والإعلام الرقمي والمحاسبة متعددة الأوجه - الجنائية مثلاً - إلى جانب العلوم المستحدثة التي سوف نجد لها صدىً واسعًا من خلال تكنولوجيا تقنية المعلومات والبرمجيات، بالإضافة إلى ذلك الجيل الرقمي الجديد الذي يدخل إلى عالم التكنولوجيا المهاري السريع جدا، واضعا في اعتباره أهمية المواكبة و “التباديل والتوافيق” مع الذكاء الاصطناعي ومخرجاته المتسارعة وتلك الإحلالية المتمكنة من معلوماتها وأرقامها، وتحركها في أوسع مدى من الخيارات والإحداثيات والخوارزميات الفاعلة.
إن علوم اليوم تتطلب عقلا رقميا يتم انتقاؤه من بين جموع البشر، ومن ثم التقاط محاولاته ووضعها داخل محركات البحث الطوعية التي يتفاعل معها شباب اليوم، وهم لا يدركون ربما أن ما بين أيديهم ثروة تفوق ثورة المعلوماتية، لكنها تحتاج إلى مأسستها - أي وضعها في إطار مؤسسي - لحمايتها وتأهيلها وتجهيزها إلى الانطلاق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .