عندما يتوه الدرب من تحت أبصار الأمم، تضل الشعوب طريقها نحو التقدم والازدهار، وحين انجلت رؤاها، وسيطر النخب على احلامها ومرتجاها أصبحت هذه الدول ملء السمع والبصر، تقدمت، وانتصرت على أحزانها، وواجهت مشاكلها وتحدياتها بكل عزيمة وقوة على تحقيق المستحيل، وأي مستحيل. من هنا، وحين تراءى لنا أن اقتصاديات الشعوب التي تتعثر فيها التنمية، وتتراجع لديها الاستدامة في النمو لابد لها ان تفكر خارج الصندوق، بل وأن تخرج أغلى ما عندها من أفكار، ورؤى من أجل ان تعبر البلاد، ويمر العباد من عنق زجاجة الافكار المشتتة الى آفاق السماوات المفتوحة. 
إذا تحدثت مرارا وتكرارا عن السياحة التعليمية، طالما أن قطاع السياحة التقليدي لدينا لا يعرف طريقه نحو النماء، وطالما أن المرتبطين به مازالت أطروحاتهم بشأنه لا تستطيع الوقوف أمام المنافسة الإقليمية، ولا حتى أمام المتغيرات والاحتياجات المحلية. كان لابد من الحديث عن التعليم كمدخل طوارئ لكل معضلة، لفتح الباب أمام ابنائنا في المنطقة لكي يتلقوا تعليمهم في مملكة البحرين كونها تمتلك مقومات الجذب التي من أهمها توفر جامعات على أعلى مستوى، وبرامج أكاديمية وكليات ومناهج تضاهي نظائرها في الجامعات العالمية، والفعل تحقق لنا الاعتراف بالاعتماد الأكاديمي من السلطات التعليمية في الشقيقة الكبرى السعودية، ونحن بانتظار اعتراف مماثل من أشقائنا في الكويت، حتى تعود السياحة التعليمية الى سابق عهدها في مملكة العلم والنور والحضارة، كمركز طليعي طبيعي للتعليم العالي في المنطقة. 
ولعل في مؤتمر الجامعات الذي ينطلق اليوم في البحرين “ جيديكس”، ما يشير الى اهتمام الدولة ممثلة في وزارة التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي بأهمية السياحة التعليمية والتسويق للجامعات من خلال المعرض والمؤتمر المصاحب والندوات وورش العمل المصاحبة كتظاهرة تضع التسويق لجامعاتنا أمام اهم الاعتبارات خاصة ان الجامعات البحرينية سوف تعرض فيه اهم برامجها، ومن بينها الجامعة الأهلية، وكذلك الحال بالنسبة الأشواط البعيدة التي قطعتها على طريق استحداث كل ما يتوافق مع ثورة المعلوماتية الفائقة، والتطور التكنولوجي الهائل، واحتياجات أسواق العمل في ظل تنامي المخاوف والتحديات التي ستنجم عن التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وما قد ينجم عنه من آثار على وضعية ومستقبل بعض الأعمال والوظائف. 
إن معرض “جيدكس” للجامعات يأتي ليؤكد على مدى الوعي واليقظة التي تتمتع بها منظومتنا التعليمية في مملكة البحرين، وهو ما ليس علينا بكثير.