العدد 5590
السبت 03 فبراير 2024
banner
خلق التوازن
السبت 03 فبراير 2024

لم تترك التكنولوجيا الحديثة شيئا إلا واحتلته واختصرته، وكل ذلك يجيء على حساب الحركة حتى باتت الحياة لا تعمل إلا بكبسة زر، وصارت وسائل الترف متوفرة في كل مكان وفي مجمل النواحي.
وعندما يتحدث الأولون عن أيامهم، يلفتون إلى مدى جمال تلك الأيام لبساطتها وعدم تعقدها، وهو ما لم يعد متوفرا اليوم؛ فرغم تسهيلات التكنولوجيا إلا أن كل شيء غدا معقدا، وباتت الكماليات من الضروريات، وما لم نتصور أن يكون يوما من الأولويات أصبح كذلك.
ويعاني الجيل الحالي من طبيعة هذه الحياة الجديدة التي لا يقدرون مدى سوئها، وهو ما جعلهم أسارى للشاشات، ويختصرون الدنيا بأوامر إلكترونية لا تكلفهم سوى ضغطة أو إشارة، وكل ذلك لا ينفك عن تهوين أمور أخرى هي من الأهمية بمكان لأن يلتفت إليها، ويخاف على فقدانها، مثل الروابط الاجتماعية والمحافظة على الصحة التي ترتبط ارتباطا مباشرا بمدى النشاط البدني للأفراد، وهو ما أصبح اليوم يتطلب تخصيصا من الوقت لممارسة الرياضة، بينما كان في السابق تحصيلا للنشاط الاعتيادي اليومي للأفراد بحكم اعتمادهم على السواعد، وليس الاتكال على الآلات.
من الضروري جدا أن يوجه أبناء هذا الجيل إلى خلق التوازن المناسب ما بين تعلقهم وحاجتهم واهتمامهم بالتكنولوجيا وبين ممارسة الحياة الطبيعية التي تعد الأشخاص اجتماعيا وصحيا وتوعويا وثقافيا وسائر المجالات، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على المجتمع بمجمله، وأن يدرك أبناء الجيل أن الحياة لا تختصر بهكذا طريقة؛ لأنها أهم وأكبر من مجرد ذلك بكثير.
* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية