يصعب التكهن بالرأي العام في المجمل؛ فهو متغير لا ينتمي أحياناً إلى المنطق بشيء، ولا إلى الحكمة بصلة، وقد يتشكل بما هو غير متوقع على الإطلاق، أو حتى بما قد لا يعد مصلحةً للمستميتين بانتصاره والمتيقنين بحق استمراره.
ليست مقارنة، ولكن هناك تقارب كبير ما بين الرأي العام وتشكله، ورأي الجمهور في الأعمال الدرامية بشكل عام، وذلك بعيداً عن خصوصية كل معترك، فقد جاء ذلك على لسان الكثير من الفنانين المحترفين الذين قضوا سنوات طويلة من عمرهم في الفن ونجحوا فيه، وهو أن بعض الأعمال يعولون على نجاحها، لكنها لا تحقق ما توقعوه، بينما أعمال أخرى اعتبروها عادية، فكانت الصدمة بنجاحها الباهر.
راكم الكم الهائل من التعرض للأعمال الدرامية سواءً السينمائية أو التلفزيونية محصلاً من الصور الذهنية لدى الجمهور، ما جعله قادراً على المقارنة، وبالتالي تأتي المفاضلة نتاجاً لغربلة الأعمال التي سبق وأن شاهدوها، وعليه فإن محصلة الرأي النهائية للجمهور تتشكل بناءً على هذه الفرديات التي وإن شاب الفنانون على احترافهم وتمرسهم للفن إلا أنه قد لا يمكنهم التنبؤ بها.
مع ذلك، لا يصنع الزخم البصري من الجمهور ناقداً؛ لأن النقد له أصوله وقواعده، ويعد موهبة من وجهة نظري، لكن يجب على الصانع ألا يقلق من هذه الضبابية، وفي نفس الوقت عليه أن يراعيها، وإن كان التنبؤ صعباً، وهنا تكمن الصعوبة، ويتفرد من يتفرد.

* كاتب وأكاديمي بحريني