التواضع يقوى كلما غُرست بذوره في قلوب الأبناء منذ الصغر، وكلما عرفوا قيمته ومكانته عند الله تعالى، وذلك يكون من خلال سرد القصص، وإعطاء الأمثلة، وأن يكون الأهل قدوة في هذا التواضع وقادرين على إيصال مفهومه بأبهى صورة وأحلى شكل، ومن خلال ذلك سترقى الأمم والمجتمعات بشباب يافع ناضج خلقه التواضع وصفته الحكمة والعقل، والتعاون يزينه في كل تفاصيل حياته، فلا يرى واحدهم في المجتمع أنه أعلى من غيره أو أرقى درجة، وأنه سيأمر وغيره سيطيع، بل سيكون يدا بيد مع كل من حوله ليحافظوا على بنيان المجتمع.
بعد هذه المقدمة عن التواضع، لا أدري إن كنت سأعطي سعادة سفير دولة الكويت الشقيقة لدى المملكة الشيخ ثامر جابر الأحمد الصباح حقه من كلمات الثناء والتقدير والاحترام في مقال مساحته محدودة جداً، وللأمانة فإن سعادته يستحق أكثر بكثير، لكن كما يقولون "خير الكلام ما قل ودل"، ناهيك عن أن سعادته ليس بحاجة إلى هذا المديح، إذ يكفي أنه نجل أمير القلوب صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير الكويت طيب الله ثراه، فقد ورث هذه الصفات الحميدة أبا عن جد، وبعد هذه المقدمة المتواضعة، فإن سعادة السفير أثبت علو كعبه وذلك من خلال مبادرته واتصاله الشخصي بي بعد أن كتبت مقالي الذي كنت قد ذكرت فيه معاملة أحد موظفي الجوازات على الحدود الكويتية. وبصراحة شديدة فإن اتصال سعادة السفير وحرصه على أن يحادثني شخصيا أثلج صدري كثيرا، وأعتبرها ضربة معلم، فشخصية مرموقة وفي هذا المنصب تبادر وتحرص على الاستماع وبالتفصيل للواقعة قلما نجدها في ثقافة مجتمعاتنا، فسعادته طلب مني أن أتحدث معه بكل أريحية وشفافية بعيدا كل البعد عن الأعراف الدبلوماسية.. "كفو والله كفو سعادة السفير على هذه اللفتة الكريمة والصادقة" التي تنم عن معدنك الأصيل وطيب أصلك وفصلك، وللأمانة كنت حريصا على أن أكتب ما يجول في خاطري من مشاعر جياشة تجاه سعادته بصفته أنموذجا ومثالا يحتذى لجميع المسؤولين. نعم، أقولها وبكل صراحة فإننا تنقصنا هذه الخصلة أو الثقافة، ومع كل احترامي فإن الكثير من المسؤولين لا يكترثون ولا يريدون الاستماع إلى ردود الفعل السلبية ويظنون أنهم يحققون العلامة الكاملة في أعمالهم! فالكتاب بشكل عام حريصون على توصيل المعلومات والاقتراحات والأفكار من خلال مقالاتهم حبا منهم لهذا الوطن المعطاء، وأنا أشبههم دائما بالاستشاريين من غير مقابل! أو ما يسمونهم ' Free Consultants’..
الكتاب حريصون كل الحرص على نقل هموم الناس والمجتمع إلى المسؤولين بهدف تحسين مستوى الخدمات المقدمة من قبل الحكومة. شخصيا أكرر في كل محفل أن المسؤول الذكي والناجح هو الذي يعمل على تقبل النقد البناء وتوجيه فريق عمله بالتواصل مع الكتاب أو غيرهم، حتى إذا كانت الفكرة من العاملين في نفس المؤسسة، ودراسة تلك الأفكار التي تكون حتما مهمة وفي صالح العمل المؤسسي، وفي النهاية ستعود بالإيجاب على الوزير أو المسؤول نفسه. 
شخصيا أكتب بسبب شغفي وحبي للكتابة، فأنا أؤمن بأن من واجبي أن أخدم بلدي من خلال الطرح الحر والمستقل. هذه الأرض التي نعشق ترابها قد أعطتنا الكثير ومن واجبنا الأدبي جميعا المساهمة في بناء نهضتها وازدهارها وأن نراها بأحلى صورة في العالم. هذا هو الانتماء والولاء والمواطنة الحقيقية، وكلنا مسؤولون أمام الله ومن ثم قيادتنا الرشيدة بالعمل يدا بيد في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة لرفع شأن الوطن الغالي.
ختاما.. أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت إلى المسؤولين بإدراك أهمية وضرورة التواصل وتقبل النقد البناء والاستماع إلى الرأي الآخر الذي هو أساس النجاح والتميز.
تمنياتنا للكويت الشقيقة بالمزيد من التقدم والازدهار، ويشرفني في هذا المقام أن أرفع لقيادتها الرشيدة وشعبها الكريم أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة احتفالاتهم الشهر القادم بالعيد الوطني ويوم التحرير. سائلًا المولى عز وجل أن يحفظها من كل شر أو مكروه.

كاتب وإعلامي بحريني