العدد 5580
الأربعاء 24 يناير 2024
banner
ورحلت ملاك الكويت
الأربعاء 24 يناير 2024


راضون بقضاء الله وقدره، مؤمنون بحُكمه وحِكمته، وصابرون على مصيبتنا، ولكن لفراقك حزن لا يُطاق، ولا أستطيع أن أوفي ملاك الكويت حقها من الكلمات، فقصة حبي وعشقي للكويت ترجع إليها (الملاك). شاءت الصدف أن أزور دولة الكويت الشقيقة مؤخراً عن طريق البر، وذلك لتقديم واجب العزاء لإحدى قريبات زوجتي، والتي كنت ألقبها على الدوام بالملاك، نعم هذه المرأة الفاضلة رحمها الله وزوجها بوطارق رحمة الله عليه، والذي وافته المنية قبل عدة سنوات، كانا سببا رئيسا ومباشرا لعشقي للكويت، فهما ومنذ أكثر من أربعين عاما كانا يفتحان منزلهما لنا ولكل الأقارب من البحرين، ويخجلوننا بحسن الضيافة وكرم الوفادة، فالمرحومة كانت متألقة في الطبخ، وكنا ننتظر مائدتها على أحر من الجمر عند وصولنا الكويت، إضافة إلى طيبتها وسمو أخلاقها وكرمها.
المرحومة كانت لها معزة خاصة، فكنت أعتبرها مثل أختي الكبيرة بسبب دماثة خلقها وطيبة معدنها وكرمها وجمال روحها ونقاوة قلبها. كنت أتابع مراحل علاجها من المرض الخبيث أولا بأول، وكنت كل مرة أتصل لأسأل عنها لا أتمالك نفسي من البكاء عليها لأنني وبكل بساطة كنت أعلم أن النتيجة ستكون سلبية، فإلى جنات الخلد ونعيمه أم طارق، فأنتم السابقون ونحن اللاحقون. وعودة إلى موضوع المقال، فإنني أقر وأبصم بأن سبب حبي هذه الدولة الخليجية الشقيقة يعود بكل صدق وأمانة لهذه الإنسانة الفاضلة رحمها الله، وهذا شيء طبيعي ومعهود، فنجاح الدول وحب الناس لها يقاس بدماثة خلق شعبها وحسن معاملته، فإذا أخذنا البحرين على سبيل المثال وليس الحصر، فإننا كسبنا حب العالم بفضل طيبتنا وحسن خلقنا ومعاملتنا الرائعة مع جميع الوافدين العرب والأجانب والزوار، بدءا من القيادة الرشيدة وانتهاء بأصغر مواطن، فنحن نفتخر بأن نكشف عن هويتنا الوطنية وانتمائنا لهذه الأرض المعطاء في جميع المحافل وخلال رحلاتنا في الخارج سواء كانت للعمل أو السياحة أو العلاج أو غيرها.
اعذروني إن كنت قد أطلت عليكم بهذه المقدمة الطويلة، إلا أنني لم أدخل في لب الموضوع! فبعد أن قررت مع العائلة الكريمة الذهاب إلى الكويت، فإنه من الواجب توضيح بعض الأمور الإيجابية والسلبية من باب الحرص والحب والانتماء ليس لوطننا الغالي، بل لجميع دول الخليج.
فالمرور من حدود البحرين إلى الشقيقة السعودية كان سلسا في جميع النقاط من تأمين وجمارك وجوازات، والوضع كان أيضا رائعا في الجانب السعودي الذي يستحق العلامة الكاملة، فمنذ وصولي إلى حدودها لمست الفارق الكبير وفي فترة زمنية قاربت عاما واحدا فقط. الجميع كانوا رائعين وبدون استثناء، ليس للطاقم البشري فحسب، بل في البنية التحتية والشوارع ونظام تثبيت رادارات على طول الطريق لحرصها على الأرواح البشرية بسبب السياقة المتهورة من قبل بعض السواق المستهترين، فبصمات صاحب السمو الملكي ولي العهد السعودي وحكومته الرشيدة كانت واضحة وجلية لإحداث هذه التغييرات الإيجابية وفي وقت قياسي، فلهم كل الشكر والتقدير وعظيم الامتنان.
المشكلة وليعذرني الأشقاء كانت في الكويت الغالية عند الجوازات، من خلال المعاملة التي تركت أثرا في نفسي طوال رحلتي إلى الكويت وكنت أتحدث عنها وحتى رجوعي إلى البحرين.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية