العدد 5573
الأربعاء 17 يناير 2024
banner
حسن الخاتمة ولكن
الأربعاء 17 يناير 2024


تلقيت كغيري عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو استوقفني كثيرا، وفيه ظهر إمام جامع وهو يصلي بالناس في إندونيسيا، وفجأة وعند سجوده وافته المنية! لا شك أن هذا الموقف وإن لم يكن جديدا، إلا أنه مؤثر ويبعث الحزن والأسى، وقد تعاطف معه الجميع بدون أدنى شك، داعين بحسن الخاتمة، لكن ما هو غريب بالنسبة لي هو قيام أحد المصلين بدور الإمام المتوفي أمام مرأى جميع المصلين، تاركاً الإمام ملقى على الأرض وكأن شيئاً لم يحدث!
ألا ترون أن ذلك ليس من الإنصاف، شخصياً أعتبره جرما بحق الإنسانية، ولا أعتقد أن ديننا الحنيف يدعونا لأن نتصرف بهذا الشكل في مثل هذه المواقف التي تتطلب تعاون الجميع! إذ كيف عرفوا بأن الإمام وافته المنية بدون حتى التقرب منه! فربما فقد الوعي لأسباب مختلفة ومن الممكن إسعافه! وكان من الأولى معاينة حالته وعمل الإسعافات الأولية وإنقاذ حياته والاتصال بالإسعاف وغيرها من الأمور المهمة في محاولة علاج المصاب.
أنا لست عالم دين، لكن أراهن بل أجزم بأن ديننا الحنيف والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لم ولن تسمح بمثل هذه الأمور، فالله سبحانه وتعالى أنعم علينا بنعمة العقل ولا يجوز حصول هذا التصرف المشين والجاهل من قبل المصلين. إذ إن هذه التصرفات الجاهلة لا تخدم الإسلام، بل تسيء له! أين هي الإنسانية في قاموسنا، أين الرحمة بالروح البشرية، هل أصبحت الأرواح عندنا رخيصة لهذه الدرجة؟ سؤال يطرح نفسه، وبكل تأكيد لن نجد الإجابة الشافية. في المقابل، يشاهد الجميع في الكثير من مباريات كرة القدم على سبيل المثال وليس الحصر أن حكم المباراة يوقف اللعب إذا حصل أي مكروه في مدرجات الجمهور كإصابة أحدهم بأي عارض صحي يستدعي تقديم العلاج المناسب والسريع! تخيلوا معي عدد الجمهور الكبير خصوصا في الملاعب الأوروبية!.
خطباء المساجد والمآتم لهم دور كبير جدا في توعية وتثقيف المصلين في الكثير من الأمور الحياتية لا الدينية فحسب، فتوجيههم وحثهم في أمور الحياة اليومية والتصرفات الخاطئة وحسن الخلق والمعاملة الطيبة والنظافة الشخصية والعامة والإخلاص والوفاء والأمانة والقائمة تطول، حيث إنها تعتبر من صميم عملهم وليس فقط الوعظ والإرشاد. 
إدارتا الأوقاف السنية والجعفرية لهما دور محوري وكبير في توجيه هؤلاء الخطباء وإعطائهم توجيهات وإرشادات واضحة فيما يخص الخطاب الديني، فالخطاب الديني المكرر لم يعد مجديا أو مؤثرا، فالخطباء عليهم أن يحدثوا ثورة في فن الخطابة، وعليهم اختيار مواضيع تخدم وترتقي بالبشرية، كما يجب أن يلتحقوا بدورات تدريبية متخصصة ومكثفة لتأهليهم.
وقد تكون فكرة جيدة أن تقوم إدارتا الأوقاف السنية والجعفرية بالتنسيق مع وزارة الصحة بتوفير مستلزمات إسعافات أولية في جميع الجوامع والمساجد والمآتم، وذلك لاستخدامها لمثل هذه الحالات. فأحيانا تكون الحالة ليست صعبة ومن الممكن إنقاذ حياة المصلين أو على أقل تقدير التصرف بما هو مطلوب حتى تصل سيارة الإسعاف إذا دعت الحاجة.
دعواتنا أن يحفظ الجميع من أي مكروه.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .