العدد 5559
الأربعاء 03 يناير 2024
banner
كوخ الكرك.. كفو
الأربعاء 03 يناير 2024


كم سعدت وأنا أشاهد الفيلم التوعوي القصير الذي أنتجه صاحب محل "كوخ الكرك" الذي أراد أن يوصل رسالة رائعة ومعبرة لكل من لا يحترم قواعد وأصول السياقة عن طريق الوقوف الخاطئ! هذه الممارسات الخاطئة المنتشرة بكثرة تسبب إعاقة كبيرة بسبب الوقوف وسط الطريق لطلب كوب شاي قيمته 100 فلس! الموضوع ليس عن تكلفة الشاي، إنما التسبب في تعطيل مصالح الناس بدون أي حق. 
ولعلم القارئ قصدت أن أذكر اسم محل الكرك "وأنا للعلم لا أعرف مالكه" لسبب بسيط، ألا وهو أنه يستحق الإشادة والتنويه، وفي اعتقادي أنه أول من قام بهذه المبادرة الخلاقة التي تنم عن حس وطني راق على الرغم من أن فكرته قد لا تكون في صالح عمله! أنا على يقين بأن الله سبحانه وتعالى سيرزقه بالخير والبركة من غير حساب، فهو بمبادرته هذه أعطى صورة ولا أروع للمساهمة في تغيير هذا الأسلوب غير المقبول البتة في مجتمعنا، وشخصيا أرفع له القبعة. لقد سبق وأن كتبت مؤخراً عن استغلال وسائل التواصل الاجتماعي وأصحاب الحسابات النشطة نظرا للعدد الكبير لمتابعيهم بإنتاج مثل هذه الأفلام التوعوية القصيرة من قبل جميع الوزارات والهيئات الحكومية كل في موقعه، حيث إن هذه البرامج التوعوية ستسهم بلا شك وبشكل كبير في تصحيح الكثير من الممارسات الخاطئة والسلبية.
مبادرة صاحب المحل قد تكون بداية أو فكرة مشجعة للكثير من أصحاب المشاريع والمحلات للبدء في التفكير في أفكار مشابهة للارتقاء بعملهم وترجمة مبادئ المسؤولية الاجتماعية، شخصياً سأذهب لشراء الكرك من كوخ الكرك وسأقوم بتسويق منتجاته تقديرا لمبادرته الراقية والمقدرة والمسؤولة. أتمنى من كل قلبي أن يقوم المسؤولون في تلفزيون البحرين باستضافته ليتحدث عن هذه التجربة الفريدة والرائدة ليكون قدوة للجميع، كما أن تقوم الصحف المحلية بتغطية هذه المبادرة. 
قد يظن البعض أنني أعطيت صاحب المحل أكثر من حقه وأن الموضوع لا يستحق كل هذا الاهتمام والإطراء! أقول لهؤلاء بالعكس، إنني لم أعطه حقه بما فيه الكفاية!
فليعلم الجميع أننا إذا سمحنا للأشياء الصغيرة أن تحدث والتزمنا الصمت، معتقدين أنها غير مهمة، فإنها حتما ستكبر، وبعدها سنجد من الصعوبة احتواءها أو معالجتها في المستقبل. 
لذا من الضروري تشجيع الممارسات الصحيحة واعتبارها قدوة ومثالا يحتذى.
شخصياً أحرص بالتنويه أو لفت الانتباه لأي شخص يقوم بأي تصرف غير حضاري أو ممارسات سلوكية خاطئة (قدر المستطاع)، لأنني بكل بساطة أؤمن بأن هذه المساهمة أو العادة إذا قام الجميع باتباعها لكان الوضع أفضل بكثير مما عليه! لكننا مع الأسف لا نعطي هذه الأمور أية أهمية ونعتبرها ليست من شأننا أو اختصاصنا! أو أنها حرية شخصية!
أتذكر جيدا على سبيل المثال وليس الحصر، أثناء زيارتي إحدى المدن الأوروبية مؤخرا، شاهدت كيف أن أما وبخت ابنها الصغير بسبب تصرف غير مقبول بدر منه، ليس هذا فحسب، بل كانت تعاتبه طوال الرحلة السياحية التي استغرقت أكثر من ساعتين! فهي كانت تصر على ذلك ليتذكر الأمر طوال حياته! فهل نحن نقوم بنفس الأسلوب والجدية ونلقن أبناءنا هكذا دروسا في التربية؟ أشك في ذلك! 

إن الاستقامة تكون في جانب السلوك والأخلاق جنباً إلى جنب، حيث لابدّ أن يكون سلوك الإنسان مستقيما، وكذلك لابدّ أن تكون أخلاقه مستقيمة، فلا يتلبس بشيء من سفاسف الأمور أو الأخلاق السيئة، دون أن يقتصر في انضباطه على جانب واحد فقط منهما، فالأخلاق في معاملته مع العباد أمر أساسي، واحترامه الآخرين والنظام. فديننا الحنيف يحثنا على الانضباط والاحترام المتبادل والتعامل الإيجابي مع الآخرين ومراعاة مصالح الآخرين والتعاون والسلوك السليم. للأسف الشديد نحن قوم نفتقد كثيرا مثل هذه الصفات الحسنة!
دعواتي أن يكون عام 2024 عام السعادة والصحة والعافية والأمن والأمان، وأن يعم السلام في العالم.

كاتب وإعلامي بحريني


 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية