العدد 5557
الإثنين 01 يناير 2024
banner
الدخول في عقل “تاجر سلاح”
الإثنين 01 يناير 2024

اقتحمت بلا استئذان، عقل تاجر سلاح في رحلة من ضرب الخيال، فقد كان سؤالي المحير وما يزال: هل تدرك شركات ومصانع وتجار السلاح في العالم أن أسلحتهم لن تستخدم بين “طرفين متصارعين” فقط؟ فليذهب الطرفان إلى الجحيم في هذه الحالة.. لكن الحقيقة، هي أن آلاف وربما الملايين من البشر الأبرياء سيذهبون ضحايا!
طرحت السؤال على تاجر السلاح المتخيل وزدت.. وليس هذا فحسب، أليس النظام العالمي والأسرة الدولية وهيئة الأمم المتحدة كفيلة بأن تضع نهاية للصراعات أيًا كان بؤرها؟ “لا.. لا.. لا”، ثلاث “لاءات” أطلقها تاجر السلاح موقعة بعبارة: “إذا توقفت الصراعات وبؤر النزاع في العالم وفق مواثيق الأمم المتحدة.. فكيف نبيع ونربح؟”.
حتى أنتم يا بني الإسلام، فالشرع يجيز تجارة الأسلحة وصناعتها، فلا حرج فيها إذا ضبطت بالضوابط الشرعية، بل على المسلمين “وجوبًا كفائيًا” أن يصنعوا الأسلحة كاكتفاء ذاتي لكي لا يتحكم فيهم أحد.. (أضاف مفتيًا)، فبادرته بالقول: “لا شيء سوى الموت والدمار.. هذا ما تريده أنت وربعك.. اسمع، أنا أعلم بأن أرقام العام 2022 مهولة، فمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام يقول إن مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر 100 شركة أسلحة في العالم بلغت 597 مليار دولار، فأي فتوى وأي إجازة وسلاحكم يدمر حاضر ومستقبل بني البشر في الكثير من أرجاء العالم.. خاف ربك.. اتق الله يا رجل”.
تظاهر بأنه حزين ونادم لكنه قال: ماذا تريد أن تقول بالضبط؟ ما شأننا نحن ومن يعيش أو يموت؟ وأي أمم متحدة وأي نظام دولي وأي “بطيخ” تتحدث عنه؟ تحديته بأن يجيب على سؤالي: “هل تضمنون يا سماسرة الموت أن أسلحتكم لن تحرق مدنًا وتهدم بيوتًا وتقصف مدارس ومستشفيات؟ هل تعتقد بأن أسلحتكم لن تستخدم إلا بين جيش وجيش؟ هذا غير ممكن؟ هذا هراء؟”.
بدأ الغضب يظهر على وجه تاجر السلاح.. في خيالي طبعًا، لكنه كان صادقًا وربما هذه هي خطوتي الأولى نحو هدايته إلى سواء السبيل فقال: “اسمع يا بني.. صفقات تجارة السلاح من أعلى الصفقات في العالم.. كل ذلك بسبب الحروب والنزاعات المحلية والدولية، ولتعلم، بأن صرف جزء يسير من أموال تلك الصفقات.. يكفي لحل مشكلات الفقر والبطالة والمجاعة في الكثير من مناطق العالم”.. والآن.. (مد يده وأخرج من جيبه مسدسًا صغيرًا) وخاطبني بالقول: “اخرج من رأسي الآن.. وإلا فمصيرك محتوم”.
ولأنني “في صدارة جبناء العالم” قلت له: “لا بأس.. سأخرج.. الله يشهد أنني ما أردت إلا.. مصلحتك في الدنيا والآخرة”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .