لطالما شكلت الأعمال الدرامية التراثية البحرينية مصدرا تربويا تثقيفيا مهما لم يكن يعلم بفائدته وقيمته الكبرى من قبل المشاهدين من مختلف الأعمار، لكن ذلك أصبح جليا وواضحا بعد أن غابت هذه الأعمال وغدت جزءا من الماضي.
لا تقتصر هذه الأعمال على الترفيه وبعض المعلومات التراثية التي قد تقدمها وحسب، بل بإمكانها ودون أدنى مبالغة أن تبني شخصيات الناشئة بالتأثير في تفكيرهم، وتغذية مبادئهم، وتنمية ثقافتهم الوطنية، ومنحهم المزيد من التعزيز للقيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة التي تعتبر سمات أساسية في الفرد البحريني؛ إذ جبل أهل البحرين على التطبع بها، وممارستها في حياتهم اليومية بين بعضهم البعض، ومع ضيوف البحرين الذين تشكل رأيهم الراسخ عن الكرم والخلق البحريني الرفيع حتى أصبح البحرينيون يعرفون بطيبتهم ودماثة أخلاقهم، وينعتون بأحسن الصفات. إن أبسط ما يمكن أن تقدمه وتعززه هذه الأعمال الدرامية التراثية التربوية الهادفة هو تعليم اللهجة البحرينية التي أصبحت تندثر شيئا فشيئا؛ إذ غدا مثلا الاهتمام باللغة الإنجليزية باعتبارها لغة عالمية وتجارية يتعاظم إلى الدرجة التي لم يعد يتحدث الأطفال بالعامية البحرينية الخالصة الأصيلة، بل أصبحوا يتحدثون بطلاقة بلغة أخرى، ويعتكزون نطق مفردات لهجتهم ولغة أسلافهم، ناهيك عن الكثير من المفردات البحرينية الأصيلة التي لا يفهمها أبناء هذا الجيل أو لا ينطقونها بالشكل الصحيح إن أحسنوا فهمها.
هذه دعوة صادقة لمعاودة تقديم الأعمال الدرامية التراثية البحرينية لما لها من أهمية بالغة قد لا يسع ذكرها في مقال واحد، والشيء المهم، بل الأكثر أهمية في ذلك هو مستقبل الهوية البحرينية التي من واجبنا أن نحافظ عليها ونعلمها لأجيالنا المقبلة ونرسخ فيهم حبها والانتماء إليها، كي لا تكون في طي النسيان، أو مرهونة تحت سقف الماضي والمعارض أو المتاحف.
*كاتب وأكاديمي بحريني