العدد 5548
السبت 23 ديسمبر 2023
banner
سطوة الهواتف
السبت 23 ديسمبر 2023

كثير ما يلاحظ استخدام الهواتف النقالة أثناء قيادة السيارات في الشوارع العامة، ومع التطور الحاصل وإمكانية استخدام السماعات للحديث عبر الهاتف أو الاستعانة بسماعات ومكبرات الصوت داخل السيارات، إلا أن ذلك لم يمنع بعض الناس من مواصلة العبث بأرواحهم وأرواح مرتادي الطرقات. بعض الحالات تفوق الوصف لتقوم بتعطيل انسيابية الحركة المرورية في الشارع، وأحياناً في أوقات الذروة التي هي بأمسّ الحاجة إلى الانتباه وتسيير الحركة، وذلك باتخاذهم المسار الأيسر والقيادة ببطء مع عدم الاكتراث التام بالآخرين.
وكم من حوادث مرورية وقعت بسبب استخدام الهواتف أثناء القيادة والانشغال بها، ومنهم من يتابع ويتفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي أثناء القيادة، وهي طامة كبرى ينبغي الالتفات إليها لما لها من خطورة بالغة على الأرواح. هذا جزء من ممارسات للظاهرة التي تسمى إدمان الهواتف، والتي توقفت حياة غالبية البشر عليها، وأصبح من غير الممكن بالنسبة لهم الاستغناء عن الهاتف في أية لحظة كانت؛ فهو لزيمهم في كل وقت، وفي كل مكان، يبدأون يومهم به، وينهونه به، وهو ما أفرز أكثر من مجرد الحوادث في الشوارع بل كذلك الأمراض المتعلقة بهذا الإدمان من مثل أمراض العيون والرقبة والأمراض النفسية المختلفة وغيرها من مخاطر لا حصر لها ولا عدد.
ورغم الجهود المبذولة للتوعية من مخاطر هذا الجهاز الذي استصغر العالم في حجم كف اليد، وجعل الناس مأسورين به، ولا يمكنهم الفرار من التعلق به، يزداد الخطر حتى على الأطفال الذين باتت تتشكل شخصياتهم بالتأثير البالغ من ارتباطهم الكبير والمستمر بالشاشات، وهو ما يخلق - على أقل تقدير - إشكاليات في تواصلهم وقدرتهم على بناء العلاقات الاجتماعية في محيطهم، وتأثيرات أخرى صحية لا تخفى على الجميع، ولذلك كان من الضروري بمكان استيعاب حجم هذه المشكلة والمسؤولية الملقاة على الجميع من أجل تقليل الضرر، والاستغلال الأمثل لهذه التكنولوجيا، وذلك بجعل الهاتف في أوقاته المحددة ولما هو ضروري، يعيش بنا ونعيش دونه، وليس أن نعيش به ولا نعيش دونه.
* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .