العدد 5551
الثلاثاء 26 ديسمبر 2023
banner
د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
غباء أم نفاق المقاطعة
الثلاثاء 26 ديسمبر 2023

مرة أخرى يتطاول من نصب نفسه مدافعا عن غزة، ويصف من لم يلتزم بالمقاطعة بأنه إسرائيلي وشريك في تدمير مدينة غزة وبنيتها التحتية، وبأن كل فلس يدفعه ثمن بضاعة أو سلعة من الكيانات التجارية التي تمت مقاطعتها هي رصاصة تقتل أطفال ورضع غزة. ولنعيد القصة من البداية.. قام ماكدونالدز الإسرائيلي بتقديم وجبات طعام للجنود الإسرائيليين، وماكدونالدز الإسرائيلي هي شركة إسرائيلية تمتلك علامة ماكدونالدز في إسرائيل بعيدا عن أية شركة ماكدونالدز أخرى بأي بلد بالعالم. وفي بقعة جغرافية ما بالخليج قام البعض بالادعاء بأن شركة ماكدونالدز هي الداعم الرئيسي لإسرائيل، وذلك بهدف ضرب الوكيل المحلي، ثم أضافوا لها شركات وكيانات أخرى، ومن قام بذلك الادعاء هم "إخوان" تلك البقعة الجغرافية وغالبيتهم يمتلكون شركات منافسة للشركات التي قاموا بالادعاء بأنها هي من تمول الحرب على غزة، وعلى الفور أصبحت مقاطعة هذه الشركات عقيدة دينية وأصبحت واجبا دينيا على كل مسلم، وبأن الفرق بين المسلم الصالح الذي يدخل الجنة ممن لا يدخل الجنة المقاطعة، وبعدها انتشرت قضية المقاطعة في بقية المناطق الجغرافية الخليجية الأخرى، بل وازدادوا تطرفا في سب وشتم وتسفيه وتقليل إيمان من لم يشترك معهم بالمقاطعة.
والمضحك بالأمر أن هؤلاء المقاطعين لا يشترون مثلا سلعة ما من هذا المركز التجاري لأنهم يقاطعونه، إلا أنهم يشترون نفس السلعة الأميركية من المركز التجاري الذي لم يقاطعوه، كما أن هؤلاء المقاطعين لا يشترون هذه السلعة الغذائية الأميركية، والتي يدعون أن شركتها تدفع ضرائب للحكومة الأميركية، والتي بدورها تدعم إسرائيل، لكنهم يشترون هذه السلعة الإلكترونية الأميركية من هذه الشركة، والتي أيضا بدورها تدفع الضرائب والرسوم للحكومة الأميركية أيضا. وكان عليهم أن يقاطعوا كل منتج أميركي غذائي أو إلكتروني أو سيارات لأنها كلها تدفع رسوما وضرائب للحكومة الأميركية. لكنهم ولأنهم مجرد ببغاوات، فإنهم يقاطعون من دون وعي والتزام بحقيقة المقاطعة. وهم كمثل من يصلي صلاة تحية المسجد فقط ويقول إنه صلى الفروض كلها. وهذا هو قمة النفاق والغباء.
كاتب سعودي متخصص في الإعلام السياسي
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية