تساءلت بيني وبين نفسي ذات يوم: "لطالما العقل البشري "الذكي العبقري" هو من ابتكر "الذكاء الاصطناعي"، أليس محتملًا أن يحول ذات العقل البشري "العبقري"، ذلك الذكاء.. إلى غباء؟ وهل يمكن أن يحول الذكاء الاصطناعي ذاته، بعض البيانات والمعلومات والممارسات إلى "غباء اصطناعي"؟ نعم، يمكن ذلك؟
بعض الأصدقاء من الخبراء في تكنولوجيا المعلومات يختصرون الإجابة بالقول: "بالتأكيد، كل شيء ممكن ما دام المبرمج.. عبقريًا محترفًا!"، ولديهم في ذلك العديد من الأمثلة، إلا أنني من باب الاطلاع والقراءة، مررت على مقال لخبير أميركي في البرمجيات والتصاميم والاقتصاد السلوكي والنفسية المعرفية يدعى "أندريس فرانت"، فنحن أمام طفرة كبيرة قطع فيها الذكاء الاصطناعي شوطًا طويلًا بالعقود القليلة الماضية، حيث أصبحت الآلات الآن قادرة على أداء مهمات معقدة، لكن مع تقدم مجال الذكاء الاصطناعي، ظهر مصطلح جديد.. الغباء الاصطناعي.
الجانب المثير، أن الخبير "فرانت" يقول إن الغباء الاصطناعي يعني قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على ارتكاب أخطاء غبية، وغالبًا يحدث ذلك في المواقف التي يكون فيها الإنسان قادرًا على اتخاذ قرار أكثر ذكاءً، دون الاستعانة ببرامج وتطبيقات ومواقع الذكاء الاصطناعي، وقدم مثالًا على ذلك بالقول إن أحد الأنظمة البوليسية في إحدى الولايات، تم تصميمه لتحديد المناطق التي من المحتمل أن تتصاعد فيها الجريمة بناءً على بيانات ومعلومات ووقائع شهدتها تلك المناطق "تاريخيًا"، إلا أن تلك  الأنظمة تعرضت لانتقادات بسبب التحيز وعدم المساواة في نظام العدالة الجنائية، فذلك النظام اعتمد على بيانات "معلبة سابقة" قابلة للتغير ومن ممارسات الشرطة بدلًا من موضوعية الاستناد إلى النسب ومعدلات الجريمة وتصنيفها.
حسنًا، لنسأل صديقنا "فرانت".. لماذا ترتكب الأنظمة والآلات الذكية أخطاءً غبية؟ ويجيب بكل سهولة، لأن جودة أنظمة الذكاء الاصطناعي تكون بجودة البيانات التي يتم تدريبها عليها. فإذا كانت البيانات مغلوطة أو غير كاملة، فسيتخذ نظام الذكاء الاصطناعي قرارات مغلوطة وغير كاملة! سبب آخر هو أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى القدرة على التفكير وفهم السياق بالطريقة التي يفعلها البشر.
وبطبيعة الحال، فإن فكرة الغباء المصطنع لها أيضا جانب فكاهي أليس كذلك؟ فمن منا لم يمر بتجربة محبطة مع برنامج الدردشة الآلي أو رأى سيارة ذاتية القيادة ترتكب خطأً سخيفًا؟ وعلى الرغم من أن هذه الأخطاء قد تكون مزعجة، إلا أنها بمثابة تذكير بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي ليست معصومة من الخطأ، وأن الإشراف البشري والتدخل لا يزالان ضروريين.
لهذا، همست في أذن صديق متميز في التعليق الصوتي قائلًا: "ليتك لم تستخدم تطبيقًا بالذكاء الاصطناعي وسجلت النص بصوتك الحي.. لقد سمعته يقول: "صرخ الرجل في وجه "المرآة" الهادئة المسكينة.. فيما على الشاشة، يظهر الرجل غاضبًا صارخًا في وجه.. المرأة.. وهي هادئة مسكينة".

كاتب بحريني