العدد 5518
الخميس 23 نوفمبر 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
ليست فرجة يا صديقي!
الخميس 23 نوفمبر 2023

وردني من الصديق ملاحظة على ما جاء في المقالة السابقة (اغتيال المستقبل)، يقول فيها: “إن القول بأن الغرب يقف متفرجا على ما يحدث في غزة من جرائم ضد الإنسانية هو قول غير صحيح، إنه شريك فعلي وكامل الشراكة، فهاهي حاملات الطائرات الأميركية والأساطيل البريطانية والفرنسية وغيرها تجوب بحار المنطقة دعما وإسنادا لإسرائيل، وهاهم الرؤساء وكبار المسؤولين الغربيين يتسابقون لزيارة إسرائيل وتأكيد الولاء المطلق لها. يا أخي منذ الوهلة الأولى كان الاصطفاف غير المشروط والدعم مطلقا، مهما كانت الفاتورة الإنسانيَّة الباهظة التي سيدفعها المدنيّون الفلسطينيون الذين يتجرّعون الأمرَّين في غزَّة ويواجهون الإبادة في عدوان وحصار منقطعي النّظير وحرب هستيرية غير مسبوقة. فالغرب يخوض الحرب فعليا على الأرض مع إسرائيل وحاملات الطائرات في المنطقة للدعم والإسناد، لذلك لا تقل لي إن الغرب يتفرج على الإبادة إنه شريك فيها”.
وأقول للصديق: هذا التوصيف ليس بحاجة إلى تأكيد، لأنه مفروغ منه، لكن الذي يهم أن هذه الإبادة الجماعية لا تحرك ساكنا على صعيد ضمير الحكومات الغربية المشاركة والداعمة لهذا العدوان حتى ينتهي الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهدافه في الإبادة والتهجير. لقد بات من الصعب - حتى داخل المجتمعات الغربية التي هالها حجم جرائم الإبادة الجماعية في غزة - القبول بالتبريرات لهذه الوحشية. فلا أحد تقريبا يمكن أن يقبل سردية الدفاع عن النفس بارتكاب أسوأ أعمال الإبادة الجماعية، وتدمير المستشفيات وكل أوجه الحياة، إلا بالعودة إلى عصر الرمح والنشاب، عصر الوحشية المطلقة، عصر ما قبل الدولة وما قبل القانون، ترجمة لمنطق القوة والغرور الهستيريين، بما يرجعنا إلى نفي مفهوم المجتمع الإنساني في حد ذاته.
صحيح أن إسرائيل حصلت على دعم مطلق من غالبية الدول الغربية، لتفعل ما تشاء ومن دون قيود عسكرية أو أخلاقية، لكنها انتصرت إلى حد الآن على المستشفيات والمباني السكنية والبنية التحتية وعلى آلاف الأطفال والنساء والعجائز الذين تمت إبادتهم في مجازر هي الأكثر فظاعة وبشاعة في التاريخ الحديث والمعاصر.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية