العدد 5515
الإثنين 20 نوفمبر 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
اغتيال المستقبل
الإثنين 20 نوفمبر 2023

وصف رئيس الوزراء ووزير الخارجية الفرنسي الأسبق، السيد دومينيك دوفيلبان في حديثه إلى قناة فرانس - أنتير، ما يحدث حاليًّا في غزة من إبادة جماعية وتهجير، مع عجز الغرب عن إيقاف هذا القتل والتدمير الوحشيين وعن فتح أي باب للأمل للخروج من هذا الوضع الدراماتيكي بأنه (اغتيال للمستقبل). 
والحقيقة أن الغرب الذي يقف أمام هذه الإبادة موقف المتفرج عاجزًا عن إيقاف الجنون الذي تمارسه القوات الإسرائيلية من دون قيود عسكرية أو سياسية أو أخلاقية أو إنسانية، حتى أصبح هذا الغرب متهمًا بالشراكة في هذه الجرائم ضد الإنسانية التي حوّلت غزة إلى مكان غير قابل للعيش فيه ـ بذريعة الحق في الدفاع عن النفس الذي أفرغ من أي محتوى قانوني أو سياسي أو أخلاقي، لأنه تحول إلى مرادف للإبادة والثأر، انطلاقًا من مرجعية إيديولوجية لتبرير القتل للبشر والحجر والشجر. ويكفي أن نستذكر هنا نماذج من تصريحات سياسيين رسميين في الحكومة الإسرائيلية للتأصيل الإيديولوجي المتطرف لهذه الإبادة:
 حديث رئيس الوزراء نتنياهو بأنه يحارب العماليق الذين يجب القضاء عليهم؛ رجالًا ونساءً وأطفالًا، مع أن العماليق في التاريخ ليسوا عربًا ولا الفلسطينيون أحفادهم. تصريحات الوزير بن غفير ممثلًا الصهيونية الدينية المتطرفة لترسيخ يهودية الدولة على كامل “فلسطين التاريخية” على حساب الفلسطينيين، وتبني شعار “الموت لهم”. تصريح وزير الجيش الإسرائيلي غالات بأن جيشه يقاتل حيوانات بشرية. تصريحات وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل بشأن “محو” بلدة حوارة الفلسطينية التي شهدت مقتل إسرائيليين، معتبرًا أن استيعاب الفلسطينيين في دول أخرى هو الحل الوحيد لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. دعوة وزير التراث الإسرائيلي إلياهو إلى إلقاء قنبلة ذرية على غزة، لمحوها من الوجود.
إن هذه النماذج من التصريحات تعكس التوجه نحو نزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين باعتبارهم وحوشًا آدمية لتبرير ترحيلهم أو إبادتهم، وهو المنطق ذاته الذي تؤسس عليه إسرائيل سياستها أمام أعين العالم، خصوصًا أمام أعين الغرب الديمقراطي الذي ينظر منذ أكثر من قرن من الزمان لمفاهيم حق تقرير المصير والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي. حيث إن القبول بهذا المنطق أو السكوت عنه هو مشاركة في نتائجه والجرائم المنجرَّة عنه.
كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .