العدد 5487
الإثنين 23 أكتوبر 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
الحاجة إلى رجال أعمال رواد ومغامرين
الإثنين 23 أكتوبر 2023

العالم منقسم بحسب الاختيارات الآيديولوجية أو الاقتصادية أو الجهوية، ووفقا لتلك الاختيارات هناك عوالم رأسمالية وأخرى اشتراكية وثالثة تتأرجح بين هذا وذاك.

أما في البلاد العربية فالأمر مختلف إلى حد ما، فأغلب مجتمعاتنا ذات تركيبة اجتماعية اقتصادية متعددة. مجتمعات تحت سقف واحد، تتعايش فيها مراحل مختلفة من تطور المجتمعات البشرية: مجتمعات ريعية ورأسمالية وإقطاعية وبدائية ومتقدمة في آن واحد. لذلك لا نستغرب أن يكون عندنا عقل إقطاعي مركب على جسم رأسمالي، وأن يوجد لدينا الليبرالي المحافظ، والمحافظ الليبرالي، واليساري الليبرالي.


ولنتوقف على سبيل المثال عند ظاهرة بيع القطاع العام في معظم الدول العربية، فمنذ فتحت ورشة بيعه أبوابها على مصراعيها استجابة في الغالب - لنصائح صندوق النقد الدولي - كثر الحديث عن عيوب هذا القطاع، وفشله وكوارثه الاجتماعية والاقتصادية.

وبموازاة ذلك كثر الحديث عن إيجابيات إعادة هيكلة هذا القطاع والتفريط فيه للقطاع الخاص. وبقدرة قادر تصبح مؤسسات القطاع العام المفلسة ذات ربحية عالية لمجرد انتقالها إلى الخواص، ما يؤكد أن المسألة مسألة إدارة بالدرجة الأولى! وإذا كانت مثل هذه التحولات حتمية ولا مناص منها، بالتعويل على القطاع الخاص والمبادرة الخاصة كما في معظم دول العالم، فإن الاقتصاد العربي بحاجة ماسة إلى رجال أعمال رواد ومغامرين ذوي قدرة كبيرة على التجديد والتخيل والإبداع. هؤلاء بدلا من الاتكال على الدولة، بإمكانهم تنمية المهارات الذهنية بشكل أرقى من الوضع الحالي، وتبني حلقات الجودة على الطريقة اليابانية والكورية الجنوبية، وخلق علاقات ديمقراطية بين الصانع والمواد المصنوعة، وعدم النظر إلى العمال على أنهم مجرد (تروس) أو بيادق تنفيذ تسمع وتتحرك دون فكر أو إبداع. كما أن الحديث عن الإصلاح الاقتصادي والاكتفاء بجعله مرادفا لبيع القطاع العام، يحتوي على مخاطر ومهالك كثيرة رأينا نماذج لها لا تحصى ولا تعد في أكثر من مكان في العالم. وإذا كان لابد من السير على هدى هذا النظام العالمي الجديد، فعلى الأقل يجب الاهتداء والاقتداء بما أفرزه نوابغ الرأسمالية العالمية ومنظرو الصناعات اليابانية، لا مجرد تركيب عقل إقطاعي على جسد رأسمالي.


* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية