عندما تدخل أي “سوبرماركت”، تخرج بانطباع بأن مسألة الرقابة على الأسعار في البحرين غير قابلة للتطبيق، بل وصعبة المنال، وتتساءل عن التأثير الذي يحدثه هذا الأمر على جيب المواطن، وكثيرا ما يواجهنا كصحافة تجنب هذا الحديث، لأن الجواب الذي نسمعه هو.. توجد رقابة، والمفتشون نشطاء إلى درجة أنهم لا يحصلون على فترات استراحة، وهم على اتصال حميم بالأسواق، وملتزمون.

نحتاج إلى عملية إقناع وتنوير من الجهة المختصة، كيف يباع كارتون مياه معدنية بحجم 330 مل بعدد 40 قنينة من الشركة الفلانية في السوبرماركت بـ 850 فلسا، بينما تبيعه البرادات الصغيرة المنتشرة في الأحياء بدينار وسبعمئة فلس، هذا من حيث الجوهر شكل من أشكال الاحتيال الذي تلعبه البرادات الصغيرة التي تشتري السلعة من السوبرماركت بسعر رخيص، وتبيع على المستهلك بسعر يحقق لها أرباحا ضخمة، وهي كما يدعون أبسط طريقة قانونية للاستغلال، على اعتبار أن السوبرماركت يتعامل مع مصانع المياه مباشرة ويشتري كميات كبيرة وبالتالي يحسب سعر الجملة، وهذه قاعدة معروفة في عالم التجارة، لكن أصبحت البرادات تلجأ على نطاق واسع إلى رفع أسعار بعض السلع دون مبرر، كما أن الكثير منها غير ملتزمة بوضع الأسعار على السلعة، ويترك الأمر تقديريا لصاحب البرادة أو العامل.

إن هذا التوسع السريع في الاحتيال على المواطن بصورة كاملة، يحتاج إلى مفتاح لفهم المشكلة، وقوة عمل، وقدرات مضاعفة للأجهزة الرقابية، والتي يفترض أن تكون قادرة على فرض سيطرتها على تقلبات الوضع وتغير هذا الطابع الأحادي والظاهرة الجديدة، ونتمنى أن لا يُفهم كلامنا على أنه تحريض على أصحاب البرادات وقطع الرزق، بقدر ما هو تحرك وقائي وطريقة معالجة تحمي المواطن من الاستغلال والتمويه والإخفاء، فكل ما نطلبه هو تشديد الرقابة على البرادات بموجب الشروط المعروفة والتصدي لإخلالها بالتوازن.

* كاتب بحريني