العدد 5433
الأربعاء 30 أغسطس 2023
banner
طه حسين ناقداً روائياً
الأربعاء 30 أغسطس 2023

سبق أن ذكرنا أن طه حسين يتمتع بأهلية كبيرة في نقد معظم أو كل الأجناس الأدبية ، وقد نوهنا بقدراته  الفائقة في النقد الشعري، إلى درجة أن كبار الشعراء في عصره، سيما خلال النصف الأول من القرن العشرين، يتهيبون مسبقاً من نقده القاسي لأي قصيدة  جديدة تصدر لهم، وهو إلى ذلك بارع في النقد الروائي  لا يشق له غبار، وتناول بالنقد أعمالاً روائية مهمة لكبار الروائيين مثل توفيق الحكيم ويحيى حقي ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وغيرهم.  وكان  طه حسين يتابع بشغف كل جديد يصدر لهؤلاء الروائيين المصريين ويخضع عدداً منها لمشرحته النقدية متوخياً النقد الموضوعي ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وكان من أول من التفت إلى روايات عميد الرواية العربية نجيب محفوظ وتنبأ له بالعالمية.
ومن الروايات والقصص التي كتب عنها العميد نقداً لقصص  أمين يوسف غراب، وقصصاً لمحمد فريد أبو حديد ، وقصة تمثيلية شعرية لعزيز أباظة وعبدالله البشير، بعنوان "شهريار"، وقصة رمزية ليحي حقي بعنوان "صح النوم". على إننا سنكتفي في هذه العجالة بتناول نموذجين من نماذج نقده الأدبي للروايات: 
الأول: يتمثل في رواية  " زقاق المدق" التي صدرت 1947 وحُولت إلى فيلم سينمائي 1963، وقرّظها قائلاً: " لا أكاد أعرف كتاباً أجدر بأن يقرأه وزراء الشؤون الاجتماعية ورجال البحث والاستقصاء في هذه الوزارة من هذا الكتاب؛ فهو قصص وعلم في وقت واحد، وهو من أجل ذلك مُرض للقلب والعقل والذوق جميعاً". وبعد أن يتناول حسين شخوص الرواية حسب وظائفهم ومهنهم، والدلالات الاجتماعية لوقائع الرواية وما يموج ذلك الزقاق من تناقضات  زمن الحرب العالمية الثانية، لا يأخذ على راوي الرواية سوى هنات لغوية بسيطة.
الثاني: يتمثل في رواية " رد قلبي" ليوسف السباعي والتي صدرت 1955 وحٌولت إلى فيلم 1957 وأسماها   " المطولة"؛ حيث تتجاوز الألف ومئتي صفحة، وفيها كما يرى العميد تصوير لألوان مختلفة للحياة المصرية خلال ربع قرن مضى، "…تجد فيها السياسة وتجد فيها الإسراف والبؤس، والأسراف في الثراء، والإسراف في هذا التفاوت، لا بين أبناء المدينة الواحدة، بل بين أبناء الحي الواحد أو الجزء الضئيل من الحي"، لكنه يرى الرواية إجمالا تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول عن قصة الثورة وما قبلها، ولا يضيف للقارئ المثقف شيئاً جديداً حسب تعبير العميد، والثاني يصور فيه بالتفصيل المطول حياة الضابط في بيئته العسكرية بين زملائه. أما القسم الثالث فيصفه حسين بالأمتع والأقوم: ففيه "تصوير لحُب نشأ بين صبيين( شاب وشابة) وكيف نما وكيف تطور وكيف عبث به البعد والقُرب جميعاً، وكيف أثر فيه اختلاف الطبقة وتفاوت المنزلة، وكيف أُتبح له آخر الأمر أن ينتصر ويفوز" لكن الناقد يأخذ على الروائي استخفافه بالفصحى وازدرائه بالإعراب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .