العدد 5419
الأربعاء 16 أغسطس 2023
banner
صاحب مبادئ ومثاليات ويؤجِّر بيته على “العزاب”
الأربعاء 16 أغسطس 2023

من أكبر التناقضات الاجتماعية التحدث عن المثالية والأخلاق وحق الجار على الجار، وفي الوقت نفسه لا يجد هذا الجار حقه من الاحترام والتقدير، وعليه مواجهة ضريبة فادحة أشبه بالعذاب البطيء دون أن يستطيع الدفاع عن نفسه.
صاحب المبادئ والمثاليات، بل هناك من يدعي التدين ومخافة الله، يجلس على أريكة وثيرة في منزله الجديد، ويترك جيرانه الذين عاش معهم سنوات طويلة يعانون من الآسيويين العزاب بسبب تأجير منزله الأول عليهم بحفنة دنانير.. يحدق بشراهة مثل الجائع في “الإيجارات” ثم يبسط كفه للاستلام، ولا يهتم بجيران ولا أطفال ولا نساء، وكأنه تحول إلى قشرة كثيفة صلدة، ربما تأتيه معلومات بأن الآسيويين الذين استأجروا منزله يسعون خلف الأطفال في الأزقة والشوارع ومشاكلهم مع “أهل الفريج” وصلت إلى أبعد مدى، لكنه بدل حل المشكلة ومواجهة الناس والتعهد بعدم تأجير بيته للعزاب، يغوص في الوحول النتنة السوداء كتمساح عجوز.
لكل إنسان واجبات ومسؤوليات تحفظ له كرامته، وأمثال هؤلاء الذين لا يحترمون حق الجار ويؤجرون بيوتهم على العمالة الآسيوية تحقيقا لمنافع ومطامع شخصية، مثل الذين ينشرون في المجتمع السموم التي تمزق وتشوه الأجساد والعقول، وبالتالي هم مجرمون بتخطيط مستقل ويتحركون في مسار خاص مبني على الجشع وإلحاق الضرر بالجيران، ولا يندمون على ما يفعلون. والفصل المسرحي لا ينتهي هنا، بل يستمر بقيام الآسيويين أنفسهم بتأجير جزء من المنزل على أصدقائهم بعلم أو بدون علم صاحب المبادئ والمثاليات الذي يستمتع بحياته طالما المرء لا يعيش مرتين.
في بعض “الفرجان” نرى العجائب، ولا نعلم سبب هذه اللهفة على تأجير البيوت على العزاب، وليس على العوائل من الجاليات الآسيوية أو العربية، فالأمر حتما سيختلف كثيرا، لأن الجميع سيرحب بالعوائل أيا كانت، وهذه من عاداتنا وتقاليدنا.
*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية