العدد 5418
الثلاثاء 15 أغسطس 2023
banner
عاصفة التشدد تقتلع كل شيء إلا القلم والرأي
الثلاثاء 15 أغسطس 2023

كتب الوالد محمد الماجد (رحمه الله) في الأضواء في نهاية الستينات أو بداية السبعينات مقالا بعنوان “المجد لك أيها الجهل”، سجل صرخات عنيفة تطالب بحرية الفكر، وجاء فيه “منذ أسابيع صادرت السلطات اللبنانية كتاب الدكتور صادق جلال العظم “نقد الفكر الديني”، وأمرت بتوقيف مؤلفه وتقديمه للمحاكمة بتهمة الإساءة إلى الشعائر الدينية وإثارة النعرات الطائفية، وفي حزيران الماضي ذهب الدكتور نديم البيطار إلى العراق لإلقاء محاضرة بدعوة من جمعية العلوم السياسية، وفي يوم المحاضرة اقتحمت جماعة من عتاة الرجعية مبنى الجمعية محملين بالخناجر والمسدسات لإسكات صوت البيطار إلى الأبد”.
وكما يذكر المؤرخ مبارك الخاطر رحمه الله أن الماجد تعرض لهجوم عنيف من التيار الديني سنة 1969 وتم استدعاؤه للتحقيق بسبب الدعاوى التي رفعت عليه والسبب مقال نشره الماجد يقدم فيه قصة أولاد حارتنا لنجيب محفوظ وخلال تقريظه الكتاب سجل أفكارا رأى فيها الناس جرأة”.
عموما.. من أين تأتي الشجاعة في طرح الأفكار، وبأي مقياس تقاس السلبية والإيجابية في الطرح، وهل ثمة حدود لإحساس المبدع وكشوفاته؟ وهل تتعارض تصوراته مع القيم النبيلة التي يسعى مخلصا لتكريسها وبقائها.
مشكلتنا في العالم العربي أن الدافع لتفسير كثير من الكتابات الإبداعية مزاجي، أساسه ضيق الأفق وتصادمه مع كل ما هو شمولي وحيوي، وأساسه أيضا الخوف من الحركة والانطلاق، وتأثير وصدى الكلمة في الواقع والمجتمع.
كانت حروف جرأة محمد الماجد ممزوجة بما تحمله الكلمة من معان سامية وعظيمة، وهو كغيره من الأدباء العرب الذين كتب عليهم السير على الطرقات الوعرة والوقوف أمام عاصفة التشدد التي تقتلع كل شيء إلا القلم والرأي. لا يستطيع التشدد أن يخنق أريج عمل أدبي أو فني بديع أو أن يحجب التماعة نفس موهوبة.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية