كلمةٌ عابرة.. ملاحظة عارضة يلفظها لسانك قد تدمر بيوتاً، أو تهدم علاقات، أو تقوض مدناً وبلداناً وتحولها إلى أنقاض وأشلاء. الكلمة مسؤولية، وما دينُ المرء سوى كلمة، وما شرف الرجل سوى كلمة.
هؤلاء الذين يلقون بالكلمات دون حساب لما قد تؤول إليه نتائجها لا يتسمون بالحكمة والعقل، ولا يتمتعون بالخُلق النبيل الذي ينأى بهم عن المساس بمشاعر الناس، وإن كانت الكلمات متعارف عليها ولا غضاضة في قولها، إلا أنها قد لا تتناسب وظروف الآخرين وخصوصية أوضاعهم.
“متى نرى ولي العهد؟ يبدو أنك اكتسبت وزناً عن آخر مرة التقينا! كبرتَ في السن” وغيرها من الملاحظات التي تسد بها فراغات الحوار، وحري بك ألا تفعل؛ فما شأنك أنت إن وُلِدَ ولي العهد أم لم يُولد، وما لك وزيادة وزن فلان، وما عليك إنْ تقدم فلان في العمر وتغيرت ملامحه الفتية! إن تأخر إنجاب زوجين فما أدراك أنهما لا يعانيان من ألم ذلك ويجتهدان في علاج المشكلة ويتجادلان كل يوم ويتخاصمان في كل مرة يتناقشان فيها بهذا الشأن، ثم تأتي أنت لتصب الزيت على النار بكلمة قد تؤدي بهما للانفصال والفرقة، ما دخلك بزيادة وزن صاحبك ولم تطعمه من جيبك، ولم يأكل من خيرك. أنت ببساطة تقول له إنك سمين وبشع وغير مرغوب فيك، في حين يتوجب عليك أن تتقبله كما هو، ولا تدري فلعله يعاني من داءٍ أكسبه كل هذا الوزن، وأنت تأكل ضعف طعامه. إن بدا شخص لم تره منذ مدة أكبر في العمر، فلربما عانى صدماتٍ وابتلاءات، أو عرضت له مشاكل صحية جعلته يبدو أكبر من عمره الحقيقي.
ترفقوا ببعضكم، وانتقوا كلماتكم بعناية.. تبادلوا كلمات الود واللطف، وذروا الملاحظات الفارغة التي قد تكون ملغومة بالأذى والضرر، وتذكروا قول الإمام الحسين عليه السلام “أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة في كلمة، دخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة”.
* كاتبة بحرينية