العدد 5389
الإثنين 17 يوليو 2023
banner
يوميات مواطن دايخ... “جوكم”
الإثنين 17 يوليو 2023

كنت صغيرًا في حدود العاشرة من العمر، حينما لازمت مرافقة والدي رحمه الله في زياراته و”روحاته وجياته”، وتعلمت من تلك المشاوير الكثير، حتى أنني أصبحت من أكثر وألد أعداء كلمة “جوكم”.
أتذكر أن والدي كان رحمه الله مواطنًا “دايخًا” أيضًا، ويسعى لأن يدخل عالم التجارة والأعمال بطموح كبير، وعلى الرغم من أنه موظف بسيط لكنه كان يتقن اللغة الإنجليزية بطلاقة كتابة وتحدثا، وهذا ونحن نتحدث في حقبة السبعينات، حيث يتاح لمن يتقن اللغة الإنجليزية الحصول على فرص وظيفية ممتازة لاسيما في الشركات الصناعية أو لنقل سائر الشركات، وحتى في الحكومة دون الحاجة إلى واسطات وفلان “ساعدني لا هنت” وفلانة “طلبتك رحم الله والديك” وبوعلان “شغلني”، لأن جهدك وتطويرك لذاتك ومهاراتك وخبراتك وقدراتك الشخصية المحور الأساس والفيصل والمعيار و”الذي منه”.
سألت والدي: “يبه يعني ويش جوكم؟”، أرى أنك في الكثير من الأماكن كلما قدمت طلبًا أو أردت اتخاذ خطوة أسمع البعض يقولون لك: “عليك جوكم”؟! ابتسم والدي وقال :”يا ولدي.. جوكم يعني عليك مسؤولية قانونية، فلربما الخطوة التي نريد اتخاذها لا تتوافق مع القوانين والأنظمة.. والأصل، كما سمعنا من هنا وهناك، أن أصل كلمة “جوكم”، وهي منتشرة في العديد من دول الخليج، تعود إلى قصة بطلها رجل إنجليزي اسمه “جو”، كان مسؤولًا في إحدى الشركات كمشرف نوبة ليلية على العمل، وكان بعض العمال ينتهزون فرصة غيابه ليأخذوا قسطًا من النوم ويعينون حارسًا منهم مستيقظًا فإن رأى “مستر جو”، يناديهم بالقول: “جو كم.. جو كم”، أي أتى مستر جو، لينهضوا من نومهم.. هذا والله أعلم.
مرت السنين تلو السنين، كبرنا وشققنا طريق الحياة، حتى سمعت أحدهم ذات مرة يعاتب مسؤولًا بحرينيًا متسلطًا يصطاد للموظفين البحرينيين كل شاردة وواردة وهو يقول: “على كل صغيرة وكبيرة “تجوكمنا”.. احنه منك وفيك.. احنه نعرف القوانين وملتزمين، بس مو على كل شي تجوكمنا.. أرهقتنا.. أتعبتنا نفسيًا.. خاف الله فينا”، لم يكن بمقدوري أن أفسر الكثير من التفاصيل، لكنني غادرت المكان وأنا ألوح إلى المسؤول وأقول له: “حيا الله مستر جو”.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية