هاتفني صاحب عزيز على قلبي في ساعة مبكرة من الصباح، بعد طلوع الشمس بقليل، وكنت حينها أستعد لتجهيز إفطار لمجموعة من “الربع” وكان علي أن “ألحق على الباجلة” في خباز الفريج قبل أن ينفد! على كل حال، تلقيت اتصاله الذي بدا فيه سعيدًا مسرورًا للغاية، ولا أدري ما الذي حل به الليلة الماضية حتى يقفز سرورًا وفرحًا ومرحًا، وقلت في خاطري “الله يسعده ويسعد الجميع”، لكن، تفضل يا صاحبي، “آمر تدلل”! فقال: “لا.. الأمر مهم وأريد أن ألتقي بك وجهًا لوجه”، ولأن الفرصة سانحة والإفطار على وشك، دعوته لينضم معنا.
حانت اللحظة، فبعد أن انتهينا من الإفطار وشكرنا الله سبحانه وتعالى على نعمه العظيمة، ودعونا للجميع بالصحة والعافية، وألا يفرق الله شملنا، أراد صاحبي الانفراد بي مستأذنا من بقية الأصدقاء، فجلست معه على جانب وقال لي: “أنا أمام لحظة تاريخية في حياتي، وقد أصبح وزيرًا في القريب العاجل”، فززت واقفًا وهنأته ودعوت له بالبركة حتى لاحظ الأصدقاء المشهد وجاؤوا أيضًا للتهنئة دون أن يعلموا ما الأمر، المهم قالوا الواحد تلو الآخر: مبروك.. وتستاهل.. ومتبارك ما ياك.. ويتربى في عزك.. و.. و.. وعادوا أدراجهم، وارتاح صاحبي لأنه لم يكن يود أن يعلم بالأمر أحد غيري. نواصل، قال لي صاحبي: “أريد منك أن تساندني.. كيف أصبح وزيرًا ناجحًا؟”، من ناحيتي جاريته في الكلام حتى لا أكسر خاطره وقلت له: “الأمر في غاية البساطة لكن عليك التالي: أولًا: لا تملأ جيوبنا بالتصريحات في الصحافة بإنجازات وزارتك والناس تعلم أن لا إنجاز لها سوى مانشيتات الصحف.. ثانيًا: لا تصدق مستشارين يقدمون تقارير “خرطي في خرطي”.. ثالثًا: لا تتهاون مع أي مسؤول كذاب أو فاسد أو يتعامل مع الوزارة وكأنها “بيت جده”، أما رابعًا وخامسًا وعاشرًا، ففي لقاء آخر إن شاء الله، لكن قل لي: ما الذي حدث؟ من أين جاءك الخبر بأنك مرشح لمنصب وزير”.
اقترب مني هامسًا: “لا أخفيك.. عادة ما تصدق رؤياي وأحلامي.. حتى أحلام اليقظة عندي تصدق.. حدسي كبير”، هنأته مرة أخرى وقلت له: “الباجلة خلص.. لكن عدسي كبير.. حياك اضرب عدس.. شكلك تعودت على الخبز والدال”.
* كاتب بحريني