+A
A-

هل يجب على المستثمرين الحذر من الانسياق وراء قوة الذهب؟

حقق الذهب مكاسب قوية منذ بداية عام 2023 وحتى نهاية الربع الأول منه، فالمعدن الأصفر قفز بمعدل 160 دولاراً خلال الفترة الممتدة من يناير وحتى نهاية مارس 2023.

وفي الأسابيع الماضية من شهر مارس 2023، تمكنت العقود الآجلة للذهب، من اختراق حاجز الـ 2000 دولار للأونصة، إلا أنها عادت وأنهت آخر يوم تداول من مارس عند 1986 دولاراً للأونصة، مرتفعة بنحو 8.8 في المئة خلال الربع الأول من 2023، وسط توقعات باستمرار هذا المسار الصعودي خلال أبريل 2023، لتصل الأونصة إلى مستوى 2100 دولار، وذلك على وقع انتعاش العوامل التي تدعم الطلب على المعدن الأصفر.

غولدمان يتوقع بلوغ الذهب 2300 دولار

من جهته ذهب بنك غولدمان ساكس بتوقعاته لأسعار الذهب، أبعد من مستوى 2100 للأونصة، ففي مراجعته الأخيرة لأسعار المعدن الأصفر، أشار البنك إلى أن أونصة الذهب سترتفع، لتتراوح بين 1950 و2300 دولار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بتحفيز من المشتريات المكثفة للبنوك المركزية، وتزايد عدم اليقين الجيوسياسي العالمي، إضافة إلى استمرار تسارع طلب المستهلكين على الذهب.

ولكن في ظل هذه الأجواء الداعمة لمسار المعدن الأصفر، هل يجب على المستثمرين الحذر من الانسياق وراء قوة الذهب؟

توقعات بخفض قريب للفائدة

ويقول الأكاديمي والباحث الاقتصادي الدكتور مخلص الناظر، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الذهب كان ثالث أفضل الأصول أداء خلال الربع الأول من 2023، بعد البتكوين ومؤشر ناسداك، مشيراً إلى أن السبب المبدئي في ذلك، هو أن الأسواق بدأت بتغيير توقعاتها للفائدة الأميركية، فبعدما كانت التوقعات تشير إلى أن أول خفض للفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، سيكون في فبراير 2024، تغيرت التوقعات نتيجة تباطؤ مؤشرات الاقتصاد الأميركي، حيث رأت الأسواق أن الفيدرالي سيلجأ لخفض الفائدة في سبتمبر 2023، وهو ما أعطى دفعاً لأسعار الذهب، نظراً للعلاقة العكسية التي تربط أسعار الفائدة بأسعار الذهب.

عمليات شراء كبيرة للذهب

ويضيف الناظر أن الدفعة الأهم لأسعار الذهب خلال الربع الأول من 2023، سببها أزمة بنك سيليكون فالي في أميركا، وانتقالها لبعض البنوك الأوروبية، وهنا تم اللجوء للذهب من قبل المستثمرين، كملاذ آمن في مواجهة الأزمات الاقتصادية، كما شهد الذهب عمليات شراء كبيرة من قبل البنوك المركزية في العالم، التي عززت احتياطاتها من المعدن الأصفر.

وبحسب الناظر فإن الفيدرالي الأميركي ولمواجهة الأزمة التي أصابت القطاع المصرفي، عاد إلى سياسة ضخ السيولة التي تعتبر ضد فكرة رفع الفائدة والتشديد النقدي، وهذا ما فهمته الأسواق على أنه إشارة إلى عودته إلى سياسة التيسير الكمي وتخفيض مستويات الفائدة، وبالتالي عدّلت الأسواق توقعاتها من جديد، مرجحة لجوء الفيدرالي إلى خفض الفائدة في اجتماعه في شهر يونيو 2023، بدلاً من سبتمبر سابقاً، حيث ينعكس قرار خفض الفائدة ارتفاعاً في أسعار الذهب.

ويرى الدكتور الناظر أن الذهب سيكون في مسار صعودي في الفترة المقبلة، ولكن المشكلة تكمن في أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يقول إنه لن يخفض الفائدة في 2023، في حين أن الأسواق ترى أنه سيكون مضطراً لذلك في الاجتماع المقبل في يونيو 2023، مشيراً إلى أنه إذا حدثت مفاجأة في يونيو، وفشلت توقعات الأسواق لناحية عدم قيام الفيدرالي بتخفيض الفائدة، فإن هذا الأمر سينعكس سلباً بشكل كبير على البتكوين ومؤشر ناسداك، في حين أن التأثير سيكون أقل وطأة على الذهب، الذي قد ينخفض إلى مستوى فوق 1800 دولار للأونصة، ومن هنا فإنه يجب على المستثمرين الحذر من الانسياق وراء قوة الذهب.

ويضيف الناظر أن الحذر واجب ومطلوب، ولذلك يجب تنويع المحافظ الاستثمارية بين الأصول عالية المخاطر، مثل الأسهم والبتكوين، والأصول منخفضة المخاطر مثل الذهب.

مخاوف ومخاطر في أسواق المال

من جهته يقول الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية طارق الرفاعي، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الارتفاعات التي سجلتها أسعار الذهب مؤخراً، لها ارتباطات قوية بالمخاوف والمخاطر المرتفعة في أسواق المال، حيث بدأ المستثمرون بتفادي المخاطر، والابتعاد عنها، وبالتالي فإنهم يلجؤون إلى الملاذات الآمنة التي يعد الذهب أحدها.

بانتظار حل لأزمة بنوك أميركا وأوروبا

ويضيف الرفاعي أنه طالما لم نرَ أي حل مستدام لمشكلة البنوك والقطاع المصرفي في أوروبا وأميركا، فإن المستثمر سيستمر باللجوء إلى الذهب والملاذات الآمنة الأخرى، ومن هنا فإنه يتوقع أن نرى ارتفاعات جديدة في أسعار الذهب، مشيراً إلى أنه قد نرى تراجعاً لأسعار الذهب في الوقت القصير، ولكنه سيعود للارتفاع، حيث من الممكن أن نرى تسجيل الذهب لرقم قياسي جديد خلال الأشهر المقبلة.

وعما إذا ما كان يتوقع أن يكون الارتفاع في أسعار الذهب مستداماً، أشار الرفاعي إلى أن الصورة بالنسبة لكامل عام 2023، ليست واضحة بعد، إذ إن هذا الأمر يتوقف على القدرة على حل الأزمة المصرفية التي لا تزال تلقي بظلالها على العالم اليوم.