العدد 5258
الأربعاء 08 مارس 2023
banner
الثقافة المالية هل فات الأوان؟ (2)
الأربعاء 08 مارس 2023

كوني إحدى متطوعات إنجاز البحرين كخبير مالي، استوقفني الجو السائد في هذه المحافل من مخيمات الابتكار وغيرها، حيث كان المنظمون والمنظمات على درجة عالية من الاحترافية في التعامل مع الطلبة وكانت البيئة المحيطة قمة في الإيجابية، لاشك في تلك اللحظات تمنيت لو كنت في عمر هؤلاء الطلبة، وامتننت لحصول أبنائي على هذه الفرصة.

هذه الجهود الساعية لتربية النشء تربية مالية صحيحة، لها عظيم الأثر على المدى القصير والطويل. فعلى المدى القصير، سيخفف هذا من عبء التخطيط المالي للآباء وعبء التعامل مع جيل منفق مستهلك فحسب، وعلى المدى الطويل تطول قائمة التأثيرات الإيجابية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:

• القدرة على اتخاذ قرارات مالية أفضل.

• تحسين القدرة على وضع وتحقيق الأهداف المالية.

• حسن إدارة المال.

• تقليل الإنفاق وحسن التحكم في المصروفات.

• تقليل القلق والتوتر الناجم عن الأزمات المالية أو المصاريف الطارئة.

وعلى الرغم من ضعف الإحصائيات في قياس مدى وعي الشعوب العربية وثقافتها المالية إلا أن أفضل مقياس هو حسن التعامل مع الأزمات المالية، فشتان ما بين التعامل مع أزمة 2008 وتداعياتها المدمرة على الأفراد والمؤسسات والبنوك والدول، وتعامل الناس مع الأزمة الحالية من تضخم ورفع معدلات الفائدة على القروض. حيث اتجه البعض من ذوي الوعي المالي إلى الادخار في حسابات استثمارية ذات معدلات ربح مرتفعة، محاولة منهم لتقنين الإنفاق في ظل التضخم وارتفاع أسعار البضائع. بينما عمد الآخرون إلى الإسراع لإعادة جدولة قروضهم بعد انتهاء فترة تأجيل الأقساط بمعدلات ربح عالية وذلك لضمان المحافظة على القدرة الشرائية وزخم الإنفاق الغير محمود في ظل هذه الظروف.

ولذلك؛ لنبدأ مشوار الألف ميل، ونضع خطة تتضمن الميزانية بالإضافة إلى تصنيف الأهداف المالية حسب أولويتها وزمن تحقيقها، وذلك بعد مراقبة المصروفات لمدة شهر كامل للتعرف على المصروفات الثابتة والمتغيرة. فالمصروفات الثابتة هي المصروفات التي تدفع شهرياً وبمبلغ ثابت مثل الفواتير، أقساط البنوك والإيجار (إن وجد)، أما المصروفات المتغيرة هي التي تتغير مبالغها من شهر إلى آخر مثل فاتورة البقالة ومستلزمات المنزل والترفيه وغيرها. كذلك على الفرد أن يعرف الفرق بين المصروفات الطارئة والادخار. فالمبلغ المخصص للمصروفات الطارئة مختلف تمام الاختلاف عن المبلغ المخصص للادخار، بحيث أن مبلغ الطوارئ يستخدم في حالة المصروفات المفاجئة على سبيل المثال: لإصلاح السيارة أو في حالة المرض، أما الادخار فيجب أن يكون مبلغ يودع في حساب خاص ويفضل أن يكون حساباً استثمارياً ولا يستخدم هذا المبلغ للترفيه أو المصروفات الطارئة. 

وبعد التعرف على أقسام الميزانية، يجب على الفرد إما استخدام تطبيقات الميزانية مثل "Go Rich" وغيرها أو اعتماد إحدى الخطط الموصى بها من قبل الخبراء الماليين مثل خطة 50/30/20 وهي خطة تتضمن تخصيص خمسين بالمئة من الميزانية للمصروفات الثابتة وثلاثين بالمئة للمصروفات المتغيرة وعشرين بالمئة للادخار والطوارئ.

ومن هنا يجدر التنويه بأننا لسنا في صدد محاباة النظام الرأسمالي وترسيخ حب المال والماديات، ولكن تم تسخير هذا المنبر لنشر الوعي المالي والاقتصادي، فنحن الآن في صراع من أجل البقاء في ظل الحروب و الكوارث والأوضاع المالية غير المستقرة.

رئيس لجنة البنوك الإسلامية - جمعية مصارف البحري

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية