في مشهد تجاوز حدود الطقس الديني إلى عمق التجربة الوطنية، أثبتت البحرين مرة أخرى أنها مجتمع يتقن إدارة التعددية بحكمة، ويمنح الحريات الدينية معناها الأصيل. موسم عاشوراء لهذا العام، بما اتسم به من انضباط وتنظيم وتعاون، لم يكن مجرد مناسبة عابرة، بل لحظة كاشفة عن أصالة المشروع الوطني.
ما جرى في البحرين لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة رؤية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، التي ترسخت عبر الزمن، وعززتها مؤسسات الدولة المختلفة بقيادة الحكومة، التي أثبتت جهوزيتها وكفاءتها، وحرصها على تمكين المواطنين من ممارسة شعائرهم بحرية وكرامة.
وفي مقدمة هذه المؤسسات جاءت وزارة الداخلية، التي أدارت المشهد بمنطق الرعاية؛ ترجمةً لاستراتيجية الشراكة المجتمعية والتواصل المباشر مع مكونات المجتمع. وقد جسدت مديريات الشرطة هذا النهج، من خلال زيارات ميدانية إلى المآتم ومواقع الفعاليات، والتأكد من توفير جميع متطلبات السلامة والتنظيم، وتقديم الدعم اللوجستي والخدمي، بما يكفل الانسيابية وحسن سير الشعائر.
رؤساء المآتم، واللجان المشرفة، والعلماء، والمتطوعون، جسدوا صورة مشرفة من التلاحم، حيث التقت العقيدة بالوطن، والخصوصية بالمسؤولية، وأثبتوا أن الوعي الوطني هو السياج الأول لحماية الاستقرار.
إن ما حدث في هذا الموسم هو تكريس متجدد لفكرة أن البحرين ليست فقط دولة تحترم التعدد، بل تصونه، وتحوّله إلى عنصر قوة، في زمن يتعثر فيه كثيرون أمام أبسط امتحانات التنوع.