سرني من خلال متابعاتي السنوية لخطاب المنبر الحسيني أن عدداً من مرتقيه انتهجوا بشجاعة تُحسب لهم الابتعاد عن تسييس هذا الخطاب والتركيز على جلال المناسبة وقدسيتها، وهذا ما كان معهوداً أصلاً عن المنبر الحسيني منذ عقود إن لم يكن قروناً طويلة.. والأجمل أن يحظى ذلك الابتعاد بجماهيرية لافتة لا تخطئها العين لدى مريديهم من الشباب. وعلى سبيل المثال فقد حظي الشيخان الخطيبان الشابان محمود الساعي ( في مأتم جبلة حبشي) وعلي الساعي (في مأتم الشويخ بباربار) بحضور كبير من المستمعين الشباب، حيث كان الحريصون على إحياء شعائر هذه المناسبة الجليلة العظيمة، ذكرى أستشهاد أبي عبد الله الحسين ( ع )، يتوافدون على كل منهما من كل حدب وصوب في البحرين، ولعل ما يتمتع به كلا الخطيبين من سجايا لغوية في التحدث بفصحى سليمة، وامتلاك كل منهما بناصية الشعر .. نقول لعل كل ذلك ساهم بدوره في إقبال الشباب عليهما.ومن متابعاتنا الشخصية عن كثب، فإن الأزدحام المروري يستغرق ما لا يقل عن ساعتين في الشارعين المحيطين بالمنطقة السكنية التي يقع فيها مأتم جبلة حبشي( شارع البديع بدءاً من دوار القدم والشارع المتفرع منه المؤدي إلى السهلة ومسجد الشيخ عزيز) علماً بأن هذا الخطيب الشاب أخذ يحقق تلك الشعبية من العام الماضي، لكن بدا في هذا الموسم الجاري يكتسب عدداً أكبر في تقديرنا من العام الماضي ناهيك عن مؤشر العدد الهائل من السيارات المصطفة على جانبي هذا الشارع المؤدي إلى السهلة. ومما لا شك فيه أن هذا التطور اللافت في الخطابة الحسينية ليبشر حقاً بمستقبل واعد نحو إعادة المنبر الحسيني إلى عهده الزاهر بعيداً عن تسخيره للتسييس والتحزب المقيتين.
*كاتب بحريني