العدد 6109
الأحد 06 يوليو 2025
“ولا شرايكم؟”
الأحد 06 يوليو 2025

لم تكن جدتي مخطئة البتة عندما كانت تعلمنا أساليب الطهي والتنظيف وتدبير المنزل، فها أنا أعلن عدم رضاي عن ما تقدمه العاملات المنزليات، ووقوفي لساعات طويلة وأنا أشرح وأدرب وأنظف علهن يتعلمن السنع ونظافة البيوت، لكن الطبع يغلب التطبع، فما إن تقر إحداهن بإجادتها التنظيف كما أحب حتى تبدأ دس طعمها الخفي ورمي شباك الفطنة والمراوغة بتقديمها كل دروسي على أرض الواقع بشكل مثالي يجعلني أقتنع أن الوقت حان لأرفع يدي عنها، لأجد تراجعًا مزريًا مباشرًا بعد أن منحتها ثقتي ومودتي، ويصبح التنظيف السطحي السريع سيد الموقف!
نعم، بودي أن أتخلى عن تلك المساعدة؛ فالآلات الحديثة من غسالات الصحون والثياب والمجففات سحبت البساط من تحت الخدم بالعناوين الرنانة والدعايات مدفوعة الأجر، لكنني جربت ذلك أيضًا وأقول لكم إنه لا يكفي ولا يصل إلى حد توقعاتي ورضاي تجاه مستوى النظافة المطلوب. وتجدني رغم كل الأجهزة أشمر عن ساعدي وأبدأ حملة نظافة “معتبرة”، فلا أهدأ ولا يهنأ لي بال حتى أصل لما يرضيني ويشعرني بالراحة، ويبقيني أعاني من آلام الظهر لأيام طويلة!
ورغم كل ذلك، تهل علي أيام أرى فيها العجب ولا ينبس حالي ببنت شفة أمام ما أرى، كوني قد صرفت طاقتي كاملة بين الأطفال والعمل والواجبات الاجتماعية. ولا أعلم متى سأتحلى بالشجاعة الكافية والتفكير الرصين وأستغني تمامًا عن خدمة العاملات المنزليات وأشتري راحة بالي؛ فنحن النساء مخيّرات بين راحة البال وراحة الجسد، فإن أحببت أن أميل لكفة ستعاني الأخرى من عجز كبير. ووسط ذلك كله، انظر لعاملتي التي أخاف الله فيها أشد الخوف، محتسبة فيها الأجر بعين الرأفة، فيما تقابلني هي بعين النقمة أو هكذا يبدو لي عند كل تلاعب!

*كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية