العدد 5134
الجمعة 04 نوفمبر 2022
banner
اتفاقات أبراهام وإيران... تفكيك المُفكّك (1)
الجمعة 04 نوفمبر 2022

إحياء الاتفاق النووي مع إيران يؤدي إلى تقويض اتفاق السلام الإبراهيمي بين الإمارات وإسرائيل، هذا الاستنتاج يطرحه بعض الباحثين في الغرب ممن يعتقدون أن أي اتفاق أميركي مع إيران سيؤدي بالتبعية إلى إنهاء اتفاق السلام بين الإمارات وغيرها من الدول الخليجية والعربية الموقعة على اتفاقات السلام مع إسرائيل منذ نحو عامين.
هذا الطرح يلفت الانتباه، ويستحق المناقشة ونجده فرصة لتوضيح بعض الأمور والنقاط التي تغيب عن بعض الأوساط البحثية الغربية، ولاسيما فيما يتعلق بفهم منطلقات ودوافع دولة الإمارات لتوقيع اتفاق السلام الإبراهيمي مع إسرائيل، وذلك من دون أن نستبعد فرضية قائلة إن تسويق هذا التصور ربما يستهدف تعظيم الضغوط على إدارة الرئيس بايدن لثنيها عن المضي في جهود إحياء الاتفاق النووي، وتحذيرها من عواقب محتملة، وهو أمر مفهوم كهدف، لكن علينا أن نتيقن من حقيقته، حتى لا يتحول الأمر إلى معطى ثابت.
الأساس في الفرضية السابقة أن موقف دولة الإمارات تحديداً في مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ينطلق ـ وفق الاستنتاج ـ من رغبة في بناء تحالف دفاعي يحميها من تهديد إيراني محتمل، وهذا الأمر ليس صحيحاً بالمرة من وجهة نظري البحثية، لأسباب واعتبارات عديدة أهمها أن الإمارات ليست في حالة حرب مع إيران، صحيح أن الأخيرة تحتل ثلاث جزر إماراتية هي “طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى”، وأن الإمارات لديها موقف يرفض المشروع التوسعي الطائفي الإيراني، وتتحفظ على سياسات إيران التدخلية في شؤون دول المنطقة، وكذلك على التهديدات التي يمثلها البرنامج النووي الإيراني، ولديها أيضاً تحفظات مهمة للغاية تتعلق بضرورة معالجة الثغرات والإشكاليات والسلبيات العديدة، التي تضمنها الاتفاق النووي منذ توقيعه في عام 2015، لكن ذلك كله لا ينفي بالمقابل ـ كما نلاحظ ـ وجود قنوات اتصال دبلوماسية مع الجانب الإيراني، وهي قنوات يحرص الجانبان على وجودها رغم المد والجزر الذي تشهده العلاقات على الصعيد الرسمي.
يلحظ الجميع أن الإمارات أعادت سفيرها إلى طهران، بعد توقيع اتفاق السلام الإبراهيمي مع إسرائيل، وهناك زيارات واتصالات رسمية متبادلة، ويلحظ الجميع كذلك أن الدبلوماسية الإماراتية اتجهت في الآونة الأخيرة إلى اعتماد نهج “تصفير المشكلات” وإذابة الجليد ومد الجسور وبناء قنوات اتصال مع الجميع في منطقة الشرق الأوسط. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية