العدد 5107
السبت 08 أكتوبر 2022
banner
أي تأثير للاحتجاجات الراهنة على النظام الإيراني؟ (2)
السبت 08 أكتوبر 2022

هناك أمر آخر يتعلق بالوضع الداخلي الإيراني الذي يزداد سوءاً على مستوى الحالة المعيشية للشعب الإيراني، لكنه يزداد قوة وتماسكاً بالنسبة للنظام الذي استطاع في السنوات الأخيرة تقويض معارضيه وإنهاء قدرتهم على الحركة والتأثير، فضلاً عن كسب المزيد من التجارب في التعاطي مع الاحتجاجات، ناهيك عن مضاعفة الثقة في التعامل بقسوة وصرامة بالغين من دون أخذ ردود الفعل الخارجية بالاعتبار سواء لانشغال الجميع في الغرب بتداعيات أزمة الطاقة، أو لتقلص قدرة المجتمع الدولي على الاتفاق والتوافق سواء بشأن الأوضاع الداخلية في إيران أو غيرها، فضلاً عن الثقة الكبيرة التي اكتسبها النظام الإيراني من تعزيز قدراته التسليحية، لاسيما بعد أن بات مورداً لمعدات قتالية مثل الطائرات المسّيرة لقوة كبرى مثل روسيا، ودخوله “منظمة شنغهاي للتعاون” كعضو رسمي وبناء قاعدة مصالح استراتيجية واسعة مع بكين وموسكو لدرجة تقترب من بناء تحالف استراتيجي محتمل في حال فشل مفاوضات الاتفاق النووي وتطور الصراع في أوكرانيا إلى مواجهة بين دول حلف “الأطلسي” وروسيا.
صحيح أن الشعب الإيراني الذي بات في حالة احتجاجية مستمرة ويشعر بغضب مكتوم تارة ومعلن تارة أخرى ضد سياسات النظام يتعلم ويستفيد هو الآخر من تجارب الاحتجاجات المتواصلة، وأن هناك أجيالا جديدة غاضبة تبدو أشد حدة وعنفاً في مواجهة قبضة السلطة، وتستطيع التحايل على إجراءات القمع والعزلة الافتراضية جراء سياسات قطع الإنترنت وغير ذلك، لكن كل هذه التجارب لا تقارن بالوضعية التي بات عليها النظام الإيراني، الذي يدرك جيداً أنه من دون دعم خارجي لا تستطيع أية احتجاجات داخلية الإطاحة به لاسيما أن هذه الاحتجاجات تعاني غياب القيادة رغم وحدة الهدف والشعار والأسباب أيضاً.
في ضوء ما سبق يمكن فهم التصريحات المعلنة للقادة والمسؤولين الإيرانيين، والتي يجاهرون فيها باستخدام أشد انواع القسوة والصرامة في مواجهة الاحتجاجات ضد النظام، من دون خوف من ردة فعل دولية تدين هذا الخطاب الرسمي المتحدي. وطرحي هذا كله لا يعني أن النظام الإيراني متماسك وقادر على مواصلة البقاء مستقبلاً، لكنني أقصد أن المرحلة الراهنة بكل متغيراتها ومعطياتها تصب نسبياً في مصلحة النظام، الذي يتسم بقدر هائل من الوحشية التي يمكن معها فعل أي شيء من أجل البقاء، وبالتالي من الصعب مناقشة فرضية استسلامه أمام الغضب والاحتجاجات الشعبية مهما بلغت الخسائر وأعداد الضحايا. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية