العدد 5130
الإثنين 31 أكتوبر 2022
banner
الاستعدادات لموسم الأمطار.. مقاربة جديدة
الإثنين 31 أكتوبر 2022

أيام قليلة تفصلنا عن موسم الأمطار - جعلها الله أمطار خير وبركة - وكوني أحد أبناء مدينة عيسى القديمة، فقد ترعرعتُ في واقع مؤلم، في ظل ضعف البنية التحتية التي لم تكن تحمينا حتى من دخول الأمطار داخل بيوتنا، حيث تجتاحها فتتلف ما تتلف، وتفسد ما تفسد، وعلى مدى الخمسين سنة الماضية لم يحدث أي تغيير جذري في هذا المشكلة، فلماذا لم تحل بعدُ؟ قبل حوالي 15 سنة قامت الوزارة بعمل خزانات أرضية بغرض احتواء المطر، لكنها مع الأسف كانت صغيرة جدا لا تفي بالغرض، وقبل بضع سنوات عشنا معاناة أخرى حيث قام مقاول الوزارة بتنفيذ مشروع في منطقتنا استمر العمل فيه أكثر من عام، فلم يكن ما فعله سوى أنه زاد الطين بلة! حيث إنه رفع جزءًا من الحي المقابل لحينا، ما جعل المياه التي كانت تتوزع على جزئين سابقا تنتقل إلى الجزء الخاص بنا، حتى أن مجاري الأمطار تمتلئ بعد دقائق من تساقط المطر، فتعاود المياه اقتحام البيوت من جديد! فما الحل يا ترى؟ 
الحل يكمن في تغيير مقاربة وزارة الأشغال في معالجة مشكلة تجمعات الأمطار، فنحن نعيش حقبة التغير المناخي، فالأمطار التي تتساقط اليوم في ساعة واحدة تساوي ما كان يتساقط طيلة العام سابقا بسبب كثافتها العالية، لذا فإن الواجب اليوم إعادة رسم استراتيجية معالجة هذه القضية، لتستوعب هذه الكميات المضاعفة من الأمطار، وتأخذها إلى مستوى أعلى بكثير مما هي عليه، وذلك بتفعيل الأنظمة الجغرافية، وحساب المسافات بين مواقع تجمع الأمطار والأماكن التي يمكن تحويلها إليها، كالبحار والوديان ونحوها، بحيث تنقل هذه المياه من المناطق السكنية خارجها بشكل آلي عبر شبكات مبسطة وغير معقدة، وبتكاليف معتدلة معقولة، ولن يكون ذلك إلا بإعمال العقل والتفكير الإبداعي، والاستفادة من تجارب الآخرين، فإذا كانت المجتمعات البدائية قد استطاعت أن تتخلص من تجمعات الأمطار وتصريفها من المدن إلى خارجها بوسائل بدائية، فكيف بنا اليوم ونحن مسلحون بكل الأنظمة التكنولوجية التي في وسعها أن تسهل العمل على معالجة ملف تجمعات الأمطار بسهولة.
لا يصح الآن الاستمرار في معالجة ملف تجمعات الأمطار بالشكل التقليدي الذي أثبت فشله الذريع في كثير من المواقع بما لا يدع مجالا للشك، ولا يسع معه التأخر في إيجاد الحلول البديلة، فالوضع اختلف اليوم، والكثير من المواطنين يتضررون جراء ذلك مع كل موجة أمطار، وأول خطوات التغيير تبدأ بالاعتراف بوجود المشكلة واستمرارها على ما هي عليه، وإن من أبجديات العقل والمنطق ألا تقوم بنفس الفعل كل مرة، وتنتظر نتيجة مختلفة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية