العدد 5029
الجمعة 22 يوليو 2022
banner
منظمة العمل الدولية وشروط العمل
الجمعة 22 يوليو 2022

ينعقد المؤتمر السنوي لمنظمة العمل الدولية (آي ال أو) في كل عام، لمناقشة أهم الأمور المتعلقة بعلاقات العمل، وفي نفس الوقت، العمل على تطوير علاقات العمل من أجل دعم التنمية والحركة الاقتصادية والاجتماعية في العالم.
ولتحقيق هذا، قامت منظمة العمل الدولية وبعد المداولات، بإصدار الميثاق العالمي لفرض مبدأ “العمل اللائق”. ومن الجدير ذكره أن منظمات العمل الإقليمية الأخرى في كل العالم قامت باعتماد وإجازة الميثاق العالمي الصادر من منظمة العمل الدولية وبصفة خاصة ما يتعلق بمبدأ العمل اللائق. 
لقد تعرض الاقتصاد العالمي للعديد من النكسات في العقود الأخيرة، ما أدى إلى تضعضع الأوضاع الاقتصادية وتدهورها لدرجة أثرت على التنمية الاقتصادية وبالتالي القوى البشرية العاملة. وكرد فعل على ما حدث، تم انتهاج مبدأ “العمل اللائق”، من أجل تصحيح الهيكلية الموجودة في قطاع العمل.
إن الميثاق العالمي المتضمن لمبدأ “العمل اللائق”، يهدف إلى تشكيل حزمة شاملة ومتكاملة من التدابير والسياسات التي تستهدف معالجة آثار الأزمات العالمية. وبصفة خاصة، الانعكاسات التي تطرأ على صعيد الاستخدام والعمل والآثار الإيجابية التي تنتج من هذا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. 
وتحقيق مبدأ “العمل اللائق” يتطلب وبصفة أساسية العمل الجاد لخلق “الحوار الثلاثي الأطراف” بين الجهة المشرفة في الدولة على العمل والجهة التي تمثل أصحاب العمل وشركات التشغيل وثالثها الجهة التي تمثل العمال. 
وهذا “الحوار الثلاثي الأطراف” يعتبر الأداة الأكثر فعالية للتصدي للأزمات والمشاكل التي تواجه العمل. وكذلك فإن هذا الحوار يتيح الفرص لكل الجهود الوطنية والإقليمية بهدف الحد من تداعيات الأزمات العالمية وتحقيق استعادة النمو عبر خلق الوظائف وفرص العمل المناسبة بالتزامن مع بناء مستقبل أكثر توازنا لكل الدول وقطاعاتها العاملة. والتوازن في علاقات العمل يخلق البيئة المناسبة للعمل والإنتاج.
 وعند العمل على إصدار مبدأ “العمل اللائق” تمت مناقشة كل الاستراتيجيات التي تدعم وتهيء الفرص للعمل اللائق من أجل النهوض بثبات من الأزمات التي حدثت، وكذلك إعداد أجندة لتحقيق النمو المستدام والعادل في المستقبل المنظور. وكما هو معلوم لدينا، فإن السياسات السابقة التي سار فيها العالم نحو تحرير الأسواق المالية تمت بطريقة متسرعة ودون مراقبة كافية، وهذا بدوره أدى إلى تفشي الاحتكار والمضاربة وتضخم النشاط المالي على أسس غير سليمة، وبالطبع نجم عن هذا تفاقم في الفوارق الاجتماعية داخل غالبية الدول وزيادة عدد الفقراء وتوسع الشقة بين قطاعات المجتمع.
والعمل اللائق يتطلب توافر النظرة العادلة من جميع الأطراف، وإخلاص كل هذه الأطراف في عدم استغلال طرف للآخر والتعامل بروح الفريق المنسجم للوصول للهدف وتسجيله. وفوق هذا تقديم التدريب اللازم لمن يلزم ومتى يلزم حتى يتم تجنب الحوادث والعمل بسلامة للعامل وماكينة العمل، الاستماع إلى وجهات نظر الآخرين، مراعاة الضوابط الخاصة بتشغيل النساء والامتناع عن تشغيل الأطفال، الحرص التام على سلامة البيئة في مكان العمل وبذل المزيد للحفاظ عليها وعلى الإنسان الذي يعيش فيها وحواليها انطلاقا من أن الإنسان هو الأساس في الحياة والعمل. 
ولتحقيق النهوض كان لا بد من وقفة شاملة لمراجعة ما تم بسبب هذه السياسات والعمل على تجاوز ما حدث. ومن هذا الوضع تم تبني مبدأ “العمل اللائق” لأن التكاتف بين القطاعات المعنية، المتمثلة في الدولة وأصحاب العمل والعمال، سيدعم قيام تنمية شاملة تشمل الجميع.
إن تحقيق هذا التوجه، يستدعي أن نضع مبدأ “العمل اللائق” كهدف أساس في الاستراتيجية التنموية وإعادة توجيه السياسات الاقتصادية لتلبية الحاجات الضرورية للمجتمع خاصة القوى المنتجة. إن احترام كل أطراف العمل، وكل حقوقهم القانونية والمهنية والتعاقدية، يمثل وقفة قانونية بلمسة حضارية وأخلاقية. وهذا بدوره سيقود إلى مجتمع أخلاقي متحضر يسود فيه القانون وتسود فيه مصلحة الجميع. ولندعم منظمة العمل الدولية والمنظمات الإقليمية التي تبنت مبدأ “العمل اللائق” الذي يليق بنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .