العدد 4966
الجمعة 20 مايو 2022
banner
الجاهل يحتقر الكتب والحكيم يتخذها مرشدًا له
الجمعة 20 مايو 2022

دخلت قبل أيام مكتبة بقصد شراء رواية لابنتي “فجر”، وخلال تجوالي بين أروقة الكتب، وجدت ما لا يسر ولا يفرح، فالعامل وعلى ما يبدو أنه لا يفقه شيئًا في عالم الكتاب، خلط الروايات وكتب الطبخ والتسلية، ووضع في الرف القريب مجلات طبية، وعندما بينت له أن التصنيف والفهرسة والتنظيم أهم شيء في المكتبات رد ببرود... كلها كتب للقراءة و”ما في شي يفرق”، أجبته... الكتب لا تتشابه، فيها الجميل والمفيد، وفيها السيئ الرديء.
عمومًا، حديثي مع العامل جعلني أستحضر أروع ما قيل عن ألوان الكتب للفيلسوف فرنسيس بيكون في القرن السادس عشر، وجاء فيها بقليل من التصرف للدكتور أمير بقطر “من الكتب ما يقرأ للتسلية والترفيه، ومنها ما يقرأ للزينة، ومنها ما يقرأ للمعرفة والقوة، ونحن بحاجة للتسلية في خلوتنا ومخدعنا، وللزينة بأحاديثنا ومسامراتنا، وللمعرفة والقوة للحكم على الأشياء وتصريف أمورنا وأعمالنا اليومية. والإفراط في قراءة الكتب للتسلية مضيعة للوقت، وللزينة تصنع وادعاء. الكتب تصقل طبيعة الإنسان وتكمل ما ينقصها من صفات، كما أن الخبرة المكتسبة تكمل ما في الكتب من نقائص. الجاهل يحتقر الكتب، والساذج يعجب بها ويقف عند حد الإعجاب فلا ينتفع بها، أما الحكيم فيتخذها مرشدًا له ودليلًا، وينبغي ألا يكون الهدف من قراءة الكتب إنكار ما بها أو دحضه، أو اعتناقه وأخذه قضية مسلمة وتصديقه تصديقًا أعمى، أو للبحث عما فيه من زخرف للحديث والسمر... إنما ينبغي أن يكون الهدف التأمل ووزن الأشياء بميزان العقل والمنطق.
من الكتب ما يذوقه القارئ بلسانه للتعرف على طعمه وحسب، ومنها ما يبتلعه ابتلاعًا، ومنها ما يمضغه جيدًا ويهضمه وئيدًا، أي أن منها ما لا يُقرأ منه إلا فقرات عابرة، ومنها ما يُقرأ كله قراءة سطحية عارضة، ومنها ما يُقرأ بتريث وتأمل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .