+A
A-

لم يعد يوم المهن الجامعي.. كافيًا

 تبذل مجموعة من الشخصيات الوطنية وذات المعرفة والخبرة العميقة في سوق العمل - من أجل توعية أبنائنا الطلبة المتخرجين حديثًا من الثانوية العامة وبصدد الالتحاق بالدراسة الجامعية - جهودا تثقيفية مشهودة ومؤثرة لتوضيح المساقات الجامعية وعلاقتها مع سوق العمل إيجابًا وسلبًا، مع التعريف بالشهادات الاحترافية العالمية المعتمدة مثل CFA وACCA وCPA وغيرها، مستفيدة من حضورها الفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت وسيلة الأدوات الأكثر تأثيرًا في نقل المعلومات والمعرفة في الوقت الحالي. 
هذه الجهود مشكورة وفي مكانها، وهي تخدم في أكثر من جانب. الأول هم الطلبة المتخرجون حديثًا من الثانوية العامة الذين يدخلون الجامعات وهم على دراية بمتطلبات سوق العمل، ويحددون اختياراتهم وبرامجهم على هذا الأساس. والطرف الثاني سوق العمل نفسها التي تؤثر وتتأثر بمخرجات النظام التعليمي في البلد، ما يجعل هذه الجهود تصب في خدمة الاقتصاد الوطني، وتساهم في تحقيق أهدافه في تقليل مستويات البطالة، وتساعد في إعطاء الأولوية لتوظيف البحريني أولًا. 
وكان من المأمول أن تنبع هذه الجهود بمبادرة من النظام التعليمي في البحرين، سواء من خلال الجامعات الوطنية والأهلية، أو من خلال التعاون بين وزارة العمل ووزارة التربية والتعليم. 
نعم هناك جهود مبذولة، ولكنها دون المستوى، وتفتقر لخطة واضحة تستند إليها، ولا تتناسب وأهمية هذا الموضوع وتأثيره على الاقتصاد الوطني، ومستقبل شباب الوطن الذي تعتبر اختياراته في هذه المرحلة العمرية منعطفا مهما، فإما التحول لشخص مؤهل ومطلوب في سوق العمل وما يستتبع ذلك من تحقيق أحلامه الشخصية كالزواج وبناء الأسرة، وإما تعليق شهاداته الجامعية على الرف، والالتحاق بوظيفة بسيطة لا تتناسب وجهوده المبذولة لـ ٥ سنوات في الجامعة، ووجود فجوة في سوق العمل بين متطلباته ومخرجات المملكة الجامعية! 
لم يعد يوم المهن الجامعي - مع أهميته - كافيًا، ولم تعد التقارير والدراسات التي تُصمم بشكل أنيق وتوضع على الرف كافية، ولا بد من دعم الأساليب التقليدية كالمعارض والندوات بوسائل قادرة على خلق الوعي الجمعي - إن صح التعبير - وليس هناك أفضل من توظيف التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق ذلك، ولا ضير في التعاون مع الأساتذة والمختصين الذين بادروا ومدوا جسور التواصل مع أبنائنا الطلاب خدمة لهذا الوطن العزيز ومواطنيه. 
كما لا بد من التعريف بالشهادات الاحترافية التي لا غنى عنها في تخصصات الاقتصاد والبنوك والمحاسبة، وتزداد أهميتها مع الوقت للتخصصات الأخرى. 
ومن باب المساهمة في تقديم بعض الأفكار، فليتم البدء برصد احتياجات سوق العمل بعد ٥ سنوات - وهي مدة الدراسة الجامعية - من قبل هيئة خبيرة، ونشر نتائجها بشكل دوري، وشرحها للطلبة بالشكل الذي يجعل قراراتهم مدروسة وتوقعاتهم من سوق العمل في مكانها، بالإضافة لشرح التخصصات الجديدة وطبيعتها ومتطلباتها بشكل وافٍ ومناسب، وما أكثر هذه التخصصات المهمة والقادرة على استقطاب أعداد كبيرة من الخريجين البحرينيين.
ياسر الخياط