مع تقدم العمر وزيادة المسؤوليات والحرث في الملح من أجل لقمة العيش، تضربنا في بعض الأحيان سياط النسيان، وتذبل الذاكرة دون قصد، فقد نرى شخصا ونتعرف عليه اليوم، ثم نصادفه بعد أيام أو شهور وتخوننا الذاكرة وتحولنا إلى أشلاء ضائعة تتمزق، يقول لك أنا فلان الذي قابلته في المكان الفلاني، وتشعر بشعاع الشمس يخترق الرأس من الخجل لعدم تذكره، وتركض خلف اسمه الهارب منك دون جدوى.. عقولنا مثل السبورة، نكتب عليها شيئا ثم نمسحه، وغالبا الأسماء تهرب نحو التلاشي والضياع.

عندما تسمع فحيح النسيان في رأسك، تنهض من مكانك وتدور في الغرفة كالمروحة وتنتصب في رتابة تقطر السأم، لكن دعونا معا نتزود بنصائح وقواعد لتدريب الذاكرة، وكما جاءت في كتاب صغير وقديم جدا بعنوان “النسيان” للدكتور أحمد فؤاد الأهواني.

ملخص القواعد كالتالي.. أولا اعزم النية على الحفظ، فمثلا، إذا قدم إليك شخص اسمه مصطفى عبدالعال، فإنك قد تقول محييا إياه “تشرفنا” دون أن تهتم بالتقاط اسمه، وهنا نيتك انصرفت من أول الأمر لعدم تذكره، ثانيا انتبه إلى ما تحفظ، فإذا عقدت النية على تذكر مصطفى عبدالعال فسوف تنتبه لاسمه، لأن الانتباه هو السبيل إلى الفهم، ثم الحفظ، ثم إلى التذكر أو عدم النسيان.

ثالثا استعمل الصور الذهنية ما أمكنك، فإن أردت تذكر مصطفى فاستحضر صورته في ذهنك، الحظ شكله ولونه، رابعا اربط ما تحفظ بغيره من معلوماتك السابقة، فإن أردت تذكر مصطفى فاربطه بصديقك الذي عرفك به، والمكان، فالذاكرة الجيدة التي لا تنسى عبارة عن شبكة منظمة.

خامسا احفظ بالنغم أو الإيقاع، وهذه هي طريقة تحفيظ الصغار، ولماذا لا يلجأ إليها الكبار أيضا. سادسا، وزع ما تحفظ على عدة أيام، لأن التكرار الموزع على أيام أفضل من التكرار المتلاحق، وأخيرا احفظ بالطريقة الكلية مجملا لا تفصيلا، فاقرأ مثلا ملخص الكتاب قبل قراءته كاملا.

لنجرب هذه القواعد، وإما أن ننجح ونعانق الأشجار الخضراء، أو سنبقى فريسة للنسيان وحنانه الوحشي.