العدد 4713
الخميس 09 سبتمبر 2021
banner
نصيحة إلى الشعراء الشباب والناشئة
الخميس 09 سبتمبر 2021

سألني أحد الأقرباء سؤالا غريبا وهو... هل تعتقد أنني شاعر متمكن، وأستطيع مع مرور الوقت واكتساب الخبرة أن أصنع لنفسي اسما في الساحة الأدبية، وأطلعني على بعض قصائده وطلب مني المشورة ووضع المقاييس بعين الناقد، لمعرفته أنني من عشاق أبو الطيب المتنبي، وهذا في رأيه له معان فلسفية كثيرة وحكمة. أجبته على الفور.. لا يمكن أن تطلق على نفسك “شاعرا” إلا بعد أن تكتسب الخبرة في معالجة القضايا الأدبية واللغوية، وتكون مطلعا على تجارب الآخرين ومن ثم تخلق لنفسك أسلوبك الشعري، ودارت بيننا مساجلات ومحادثات عن الشعر والموهبة والنقد والتقييم.

حديثي مع الشاب القريب والموهوب يجعلني أفرد مساحة لنصيحة قالتها الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة للشعراء الشباب والناشئة، علهم يسترشدون بها، فشاعرتنا تقول.. اقرأه قراءة المتعمق الجاد، والخطة الجيدة في الدراسة الأدبية أن تحرص على أن يكون لك اطلاع عام واسع على شعر كثير من الشعراء وسيرهم، على أن تختار مجموعة صغيرة من البارزين تفرغ لدراستهم دراسة خاصة مفصلة، تبذل لها الوقت والجهد فترة طويلة، وتمنحك هذه الدراسة الخاصة قدرة على الإبداع الشعري والفهم والاستقراء، وتشمل حتى الشعراء الذين لم تدرسهم، فإذا بقصائدهم تشع المعاني الرائعة في نفسك، وسير حياتهم تمنحك آراء باهرة يأخذ بها معاصروك، واحذر كل الحذر أن تصنع صنع كثير من الناشئين اليوم، فتحفظ الأعلام المشهورة، وعناوين بعض كتبهم التي لا تفهمها ثم تملأ حديثك بما حفظت وكأنك عالم کبیر مختص.

إن هذا المسلك سيقودك حتما إلى ما انقاد إليه أغلب هؤلاء اليافعين، وهو تقلید الغرب، ذلك أن الشاعر الذي يفهم الشعر الغربي فهما حقا، يصل إلى مستوى من الاستقلال بجعله يبدع إبداع الشاعر الغربي دون أن يقلده، أما التقليد فهو دائما الدائرة التي يدور فيها من لا يفهم، فهو يتناول المظاهر البارزة في الشعر المقلد فينقلها بنصها، وذلك مفضوح يلمسه كل مطلع على الأصل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .