العدد 4716
الأحد 12 سبتمبر 2021
banner
علاقة مغسولة بقطرات الحب والرحمة
الأحد 12 سبتمبر 2021

في بعض الأحيان يتطلب منا تصرف الحيوان مع الإنسان وعيا مبصرا، وبلوغ أعماق أبعد في هذه العلاقة التي يتحرك فيها الحيوان بالغريزة وتيار العاطفة، ونملك آلافا من القصص عن وفاء الحيوان لصاحبه، ابنتي فجر تعشق القطط، وقبل سنوات اقتنت قطة عمرها 3  أشهر، واعتنت بها وكأنها من أباطرة روما، دلال وغذاء صحي وعناية طبية “خمس نجوم”، ولو كانت هناك مدارس للقطط لأخذتها دون تردد، ومع مرور الوقت ولدت القطة ثلاثة “هررة” واحتفلنا بقدوم المواليد الجدد الذين بعثوا الفرح في المنزل، واليوم تبلغ الهررة من العمر إن صح ظني ثمانية أشهر والأم ربما ثلاث سنوات.

لم تكن هناك أية ثغرة في معاملة فجر لعائلة القطط التي تسكن معنا وتشاركنا أكلنا وشربنا، فقد كانت علاقتها خاصة مع الأم مغسولة بقطرات الحب والرحمة، وفي منتصف شهر أغسطس الماضي حدث موقف رعش له القلب، فقد سافرت ابنتي فجر لأداء مناسك العمرة “جم يوم”، وأوكلت مهمة رعاية القطط إلى شقيقتيها، ويا سبحان الله، كانت القطة الأم ترفض الأكل إلا فيما ندر، وكلما دخلنا عليها نجدها بجانب “مخدة فجر” على السرير والحزن كشجرة مغروسة في وجهها الأبيض الصغير. الصمت ما زال هو الصمت، حتى عندما نظرت من ثقب الباب وجدت ملامح وتضاريس خريطة وجه الأم كما هي لم تتغير، وحينها عرفت أنه ألم فراق صاحبتها، فالقطة كانت تعتبر فجر وطنا يشبه الأم.

عشنا أياما لم نحمل أوسمة الراحة، وبعد عودة فجر من العمرة يا سبحان الله، وكأن القطة تقول لها.. ما أشد حاجتي لك، فعادت تمشي وتسرح بفرح في أرجاء المنزل وترقص في موسم الحصاد.

ما حصل بين فجر والقطة ملاحظة تجعلنا على اتصال وثيق بسلوك الحقيقة، وهي أن الحيوان قد يكون أكثر إخلاصا ووفاء للإنسان من الإنسان نفسه، وكثيرة هي القصص التي تقدم لنا نماذج من وفاء الحيوانات للبشر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية