رغم أنني لست من المتابعين للكرة العالمية ولا المتعاطفين مع فريق برشلونة الإسباني أو غيره من الأندية، إلا أنني لاحظت اهتمامًا واسعًا وصدمة كبيرة أصابت البعض بعد سماع إعلان برشلونة في 5 أغسطس الجاري أن لاعب كرة القدم “الأسطوري” ليونيل ميسي سيغادر النادي رغم توصل الطرفين إلى اتفاق لتجديد العقد.
ليس أمرًا هينًا على فريق برشلونة أن يترك لاعب بحجم ميسي ومهاراته الفائقة التي تجعل البعض يضعه كأفضل من لمس كرة القدم، وبتاريخه العريض وإنجازاته الهائلة مع النادي الذي انضم ميسي إلى أكاديمية الناشئين فيه منذ عشرين عامًا وكان لا يزال في الثالثة عشرة من عمره، وأصبح الهداف التاريخي للنادي وأكثر اللاعبين مشاركة بقميصه برصيد 672 هدفا في 778 مباراة بجميع المسابقات.
كان واضحًا أن السبب الرئيسي في هذا الانفصال “المحزن” للجانبين وجمهورهما هو المال، وهو ما ذكره بيان النادي الإسباني الذي عبر عن “الأسف لعدم إمكانية توقيع عقد جديد مع اللاعب (34 عامًا) رغم توصلهما لاتفاق، ونيتهما الواضحة بتوقيع عقد جديد، وذلك بسبب عقبات مالية وهيكلية تحول دون إمكانية تلبية رغبات اللاعب”.
هي حكاية للمفاضلة والاختيار ما بين الفرد والمؤسسة، وقد اختارت إدارة برشلونة الانحياز للمؤسسة، وهو الاختيار الصائب وإن طال الوقت للتأكد من ذلك، فأي فرد مهما علا شأنه ليس أكبر من المؤسسة، ولاسيما أن النادي أو المؤسسة إن كنا نتحدث بالعموم التي يعمل فيها الفرد هي إحدى أهم عوامل ما يحققه من نجاحات وما وصل إليه من مكانة وشهرة، وهو أمر قد لا يتوفر له في مؤسسة أخرى ولا يحقق معها نفس النجاح والمكاسب، كما أن هذا الفرد أيضًا مطالب بالتنازل ولو قليلاً لصالح المؤسسة التي عمل فيها لسنوات طويلة وحرصت خلالها على تلبية طلباته وتوفير أجواء الإبداع والتفوق والتألق أمامه، كنوع من رد الجميل لها، وهو ما لم يفعله ميسي مع برشلونة، فكتب بيده نهاية حكاية كروية شهيرة.