العدد 4558
الأربعاء 07 أبريل 2021
banner
“مصَّاصو الدماء... نساء بلا أنياب”
الأربعاء 07 أبريل 2021

تبدأ الحكاية بالولوج لقلعةٍ بعيدة، بعد المرور بشتى العوائق وتسلقِ قممٍ وهبوط منحدراتٍ في الطريق إليها، وبعد النجاح في الوصول لبابِ القلعةِ المَنيفةِ والمُخيفةِ في آن، يَقرعُ المنتصرُ حلقةَ الباب العظيمة، ليُجلجلَ الصوتُ في ظلام محيطِ القلعة الدامس، ويُفتحُ البابُ من تلقاء نفسه.. يدخلُ آخرُ الرجال الشجعان طالباً يدَ الأميرة، لا اعتراضَ على الضيف الوسيم المجهدِ من وعورةِ الطريق، لمْ يذهبْ شقاؤهُ في الوصول إليها سُدى، لكنْ كما وافقَ الملكُ في علاء الدين على زواجِ ذلك الأخيرِ من ابنته، يطلبُ ملك القلعة خاصتنا مهراً كمهرِ بدر البدور، وتتقدمُ صناديقُ الذهبِ والفضة موكبَ الزَفاف، ويتمطى خلفهم غلمانٌ أُثقِلتْ رؤوسهم بصوانٍ من المرجان والزبرجد الأخضر، ويُدعى القاصي والداني للحدث البهيج.

الكلُّ مسرورٌ وفرحٌ ومتخمٌ حول موائدِ العرس الأسطوري الذي سيحكي عن جماله وفخامته الناس لأسابيعَ طويلة، وفي خِضَمِّ كل هذه البهجة، نلمحُ وجهاً حزيناً وقلقا، وجهَ العريس الذي يُفترضُ به أنْ يشعَّ بالفرح، لكنه ولضخامة ديونه وشدة قلقه لا يقوى حتى على الابتسامة في ليلة العمر، وتنقضي الليلةُ وينصرفُ المدعوون ساخطين لأنهم لم يحصلوا على هدية، أو لأنهم سقطوا سهواً حين دارتْ كؤوسُ العصير في الحفل، وعلى الرغم من كل ذلك البذخ لمْ يرضوا.

يعيشُ العروسان في القلعة الشامخة في قصتنا مجموعةٌ من المِحَن، والقناطيرُ المقنطرةُ من الذهبِ والفضة التي لمْ تُزيّن جسدَ العروسِ الأميرة قط، بل خِزانتها وحسب، تبِعتها قناطير أخرى، وصارت أميرةُ القلعة تتفننُ في مَصِّ دمِ البطل الهُمام، لا من عضِّ عُنقه، بل من جزِّ قلبه وتفريغِ دم فؤاده، لا تفتأُ تطلبُ المزيدَ كل يوم تماشياً مع رغباتها والموضةِ الدارجةِ في محيطها، اليوم ألماس، وغداً ملابس من ماركاتٍ عالميةٍ مشهورة، وبعد الغدِ كماليات لا داعي لها ولا استخدام.

هل خرجتْ شخوصُ قصتنا من كتابها لتنزلقَ من عالمها لعالمنا، لتُمارسَ أميراتُ عالمنا مصَّ دماءِ من يطرقُ بابَ قِلاعها دون أنياب، ولتطلبن منه ما يستطيعُ وما لا يستطيع، دون منطقٍ أو رحمة، وكأن هذا الفقير يملكُ مال قارون ليُنفقه على شهواتِهن التي لا تنتهي، ويزدادُ الأمرُ سوءاً مع الزمن؛ فإنْ مرضْنَ فإنهن لا يُراجِعْنَ سوى أفضل الأطباء بأغلى المشافي، وإذا وضعنَ حملهُنَّ وضعنه في جناحِ كبارِ الشخصيات. أغلبُ تلك النساء اليافعات عِشنَ في بيوت آبائهن في ضنكٍ من العيش، وتزوجنَ من رجالٍ ظنوا أنهم مصارف للمال ينهلون منها دون حساب، حتى انهن لا تبالينَ أَهَلكَ أزواجُهنَ أثناءَ العمل المُضني أو سَرقوا ليُوفروا لهنَّ المال!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية