+A
A-

النحات العراقي محمد غني حكمت. المتفرد في الإبداع

بينما كنت اغسل الجسد والعيون في البومات صوري القديمة، كسائر الجياع للماضي الجميل، وجدت صورة تجمعني مع شيخ النحاتين العراقيين الفنان الكبير محمد غني حكمت رحمه الله عندما زار البحرين في النصف الثاني من التسعينات، ومعنا في الصورة الفنان التشكيلي البحريني القدير احمد قاسم السني رحمه الله، وإن لم تخذني الذاكرة كان الحدث في صالة الرواق للفنون التشكيلية النابضة بذكريات حياة عاشها الرواد والعمالقة .

لا ادعي المعرفة ولكن يمكنني القول ان تجربة الفنان محمد غني رحمه الله تميزت بخلق معادل موضوعي شامل يعبر عن شخصيته الفنية في المحصلة، والموضوع يجعلنا إزاء ابرز المشكلات التي عالجها الفنان..اي المشكلات التي حللها من خلال مصادرها التراثية والواقعية.

محمد غني حكمت فهم فن النحت بأسلوب يخدم هدف النحت عامة، بدل ان يتخصص في مشكلة واحدة، ولهذا نراه انحاز الى المعالجات ذات الطابع الواقعي بدل ان ينحاز الى التجارب الأخرى. ولكن قبل هذا كله وحسب خلفيتنا كان محمد غني شديد الارتباط بالواقع الاجتماعي، وبمعنى اخر كان لا يريد لعمله الفني ان يكون منفصلا عن الواقع الاجتماعي، ولهذا السبب بلور الفنان تجربته انطلاقا من هذه الحقيقة، وهي في مجملها لا تتأطر بشكل واحد من اشكال التجربة، وانما بالاتجاه العام للفنان. ومن هنا تطرق الى شخصيته وابرز معالمها الفنية، حيث استطاع ان يخلق المعادل الموضوعي بين القديم و المعاصر اولا وبين الفكرة والتنفيذ ثانيا، وأخيرا في التعبير عن حالة قلق المبدع.

رحمك الله يا محمد غني حكمت بعفويتك ورؤيتك الدقيقة لفن النحت وقوتك المحاطة بالأيمان. كنت ولا زالت متفردا في ابداعاتك واسمك سيبقى في السحب البيضاء، في زرقة السماء، في تألق النجوم​.