+A
A-

تعرف على جهاز غريب استخدمه البشر قبل ظهور الرادار

حقق الطيّار والمهندس الفرنسي لويس بلايريو (Louis Blériot) يوم الخامس والعشرين من شهر تموز/يوليو سنة 1909 إنجازا فريدا من نوعه في عالم الطيران تناقلته جميع الصحف العالمية.

وتمكن لويس بلايريو لأول مرة على مر التاريخ من عبور قناة المانش والتي تفصل بين فرنسا و#بريطانيا على متن طائرته بلايريو 11.

وبينما سعد الجميع بنجاح لويس بلايريو، استاء عدد هائل من المسؤولين البريطانيين من هذا الإنجاز، إذ أن بلادهم كانت تعتمد قديما على كونها جزيرة، واستفادت من تلك الميزة عسكريا، حيث كان من الصعب شن هجمات ضدها. لكن ومع عبور بلايريو لقناة المانش، أصبح من الممكن شن هجمات على الأراضي البريطانية انطلاقا من الأراضي الأساسية التابعة للقارة الأوروبية باستخدام الطائرات.

وقبل ظهور أول أنظمة رادار متطورة بداية منتصف ثلاثينيات القرن الماضي بفضل إنجازات المهندس الأسكتلندي روبرت واتسون وات (Robert Watson-Watt)، سعت بريطانيا في حدود سنة 1915 نحو تطوير جهاز قادر على تحديد مكان طائرات العدو قبل فترة من بلوغها لهدفها.

واعتمادا على أبحاث المهندس وليام سانسوم توكر (William Sansome Tucker) حول الأصوات، عمل #البريطانيون على مشروع ما عرف لاحقا بمرايا الصوت والتي كانت قادرة على كشف اقتراب الطائرات والمناطيد الألمانية من السواحل البريطانية عن طريق الأصوات التي تصدرها محركاتها.

وكانت مرايا الصوت أو كما عرفت أحيانا بالآذان المنصتة عبارة عن خرسانة مقعرة على شكل قطع مكافئ اعتمدت لتجميع الموجات الصوتية بنقطة مركزية، لتلتقط إثر ذلك من قبل لاقط صوت قبل أن تمرر نحو جهاز ميكروفون، ويعتمد العامل على سمّاعة من أجل تلقي الأصوات والتأكد من مكان تواجد طائرات العدو.

خلال تلك الفترة، توجهت بريطانيا نحو إخضاع العاملين على جهاز مرايا الصوت إلى تدريبات طويلة بهدف تعويدهم على صوت الطائرات لجعلهم قادرين على تمييز صوتها من بين بقية الأصوات التي يلتقطها هذا الجهاز.

واعتمد البريطانيون على مرايا الصوت من أجل تحديد مكان مناطيد زبلن والطائرات الألمانية حيث كانت تلك الأجهزة قادرة على كشف طائرات العدو قبل حوالي 15 دقيقة من بلوغها لهدفها، مما يخول للعاملين عليها إصدار تحذيرات للدفاعات الجوية والتي تتكفل بالانتشار على جناح السرعة لصد الهجوم.

وعملت بريطانيا بين عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، على تركيز عدد هائل من أجهزة مرايا الصوت على طول شريطها الساحلي قبالة القارة الأوروبية بهدف التصدي لأي تهديد ألماني مستقبلي.

ولم تخضع مرايا الصوت إلى اختبار عسكري حقيقي، حيث أنها لم تستخدم بشكل مكثف.

ومع تطور المحركات وزيادة سرعتها، أصبحت هذه الأجهزة عاجزة عن تحديد مكان الطائرات في الوقت المناسب، فضلا عن ذلك تم رسميا التخلي عنها لصالح الرادارات المتطورة ضمن برنامج Chain Home والذي جاء ليعوض مرايا الصوت على طول السواحل البريطانية.

وخلال يومنا الحاضر ما تزال بقايا أجهزة مرايا الصوت منتشرة في مناطق بريطانية عديدة، ولعل أبرزها بهارتلبول (Hartlepool)، وسيهام (Seaham)، وسندرلند (Sunderland)، ودوفر (Dover).